الرئيسية » رصاص خشن » الموت هرباً…«سويسرا الشرق»
لوحة للفنان السوري نزار علي بدر

الموت هرباً…«سويسرا الشرق»

عامر العبود  |  

المكان: بيروت آنذاك

الزمان: نسبي

الشخصيات: هاربان

الهارب الأول: هل هذه هي بيروت؟!!، يا لها من أغنياتٍ كاذبة، إنها كتلة كبيرة من الإسمنت!.

الهارب الثاني: المهم أننا خرجنا من موتنا الأول… يجب عليك أن تحذف كلمة إسمنت من قاموسك، هناك تتحدث عن الإسمنت المدمر، وهنا تتحدث عن الإسمنت المنتصب، ارحمنا!.

الأول: هل تعلم، نحن كثيرون هنا، انظر… تستطيع أن تميزنا ببساطة، كم عددهم يا ترى؟

الثاني: يجب أن نبحث عن مكان ننام فيه، هل ستطول إقامتنا هنا؟

الأول: لا أعتقد، سنطير عما قريب.

الثاني: هذه المدينة تغلق قلبها، وتفتح ذراعيها، يبدو أننا سنتعب هنا… انظر إلى ذلك البناء المهجور هناك، إنه آخر ما تبقى من بيروت القديمة، قبل أن يبتلعها السوليدير، تُرى هل سنجد مثله في دمشق حين نعود؟

الأول: نعود!! ألم نتفق أننا لن نعود إلى ذاك المكان، هل تظن حقاً أننا سنعود؟ عد وحدك إن شئت، أنا لن أعود، حتى إن بقيتُ هنا في بيروت، وحيداً، لن أعود معك.

الثاني: لم أقل أننا سنعود بالمعنى الحرفي، لن أشرح لك، المهم الآن أن نجد مكاناً ننام فيه، غداً صباحاً سنبحث عن عمل، ريثما نتمكن من الطيران بعيداً… أشعر بالجوع، أخفيتُ في الحقيبة خمسين علبة سردين، يجب أن تكفينا حتى نطير، تعال لنبحث عن مكان نلوذ فيه عن الأعين، سنأكل، ثم ننطلق.

الأول: هل تلاحظ أن الشوارع فارغة؟، كل من يمشون في الشوارع، لا يتجاوزون بعددهم، عدد الذين يمشون في أصغر زقاقٍ في دمشق، كلُّ الناس في السيارات.

الثاني: أصغر زقاق في دمشق، أكبر من بيروت… اسمع يجب أن تكون حذراً، لا نريد أن نتعرض لأية مشاكل، حاول أن تتجنب الحديث مع الناس، لا يجب أن يعرفوا أنك سوري، ربما نتعرض للأذى إذا عرفوا، وإن حدث شيء ما، فلا تعترض، ولا تقاوم، حتى وإن داسوا في بطوننا، سنصمت.

الأول: هل من الممكن أن يحدث هذا؟!!!

الثاني: إنهم يكرهوننا عموماً، البعض يقول أنهم يكرهوننا لأسباب تاريخية، والبعض يقول أنهم يكرهوننا لأنهم “سينيه” ونحن همج، أو ربما أنهم يكرهون أنفسهم، لكن على ما يبدو، أن كل العالم يكرهنا، أو ربما يكره نفسه فينا!، المهم أن نتهرب من أي صدام مع أي أحد، حاول أن تستخدم لغتهم.

الأول: تقصد لهجتهم؟

الثاني: لا… لغتهم، يعني لغتهم. 

كاتب سوري  |  خاص موقع قلم رصاص 

عن قلم رصاص

قلم رصاص

شاهد أيضاً

متعبون من فرط النوم.. راقصٌ على إيقاع الغياب.. ضياع أنت يا صوت القصب

وحدكَ تدْقُّ الأرضَ عصاك مغشيّاً على وضحِ المدى   لا رفيقٌ يردِّدُ معك شعارَ الجلسةِ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *