آخر المقالات
الرئيسية » ألوان خشبية » الفنانة التشكيلية عبير أحمد : لا أجد أجمل من الجسد العاري في الرسم

الفنانة التشكيلية عبير أحمد : لا أجد أجمل من الجسد العاري في الرسم

عبير أحمد، فنانة تشكيلية سورية، أثارت لوحاتها جدلاً وإشكاليات وانقسم الجمهور حولها بين مؤيد لهذا النمط الفني الذي يرتكز على ثمة الجسد العاري، ومعارض له على اعتباره خدشاً للحياء العام، تركز عبير على جمال الجسد وتخلق منه لوحات فنية وتطرح مواضيع وإشكاليات تعاني منها المرأة في المجتمع الشرقي، مجلة قلم رصاص الثقافية التقت الفنانة عبير أحمد، وكان هذا الحوار.

ـ من أنتِ؟

ـ فنانة تشكيلية من سورية، بدأت الرسم من صغري، ودخلت كلية الفنون الجميلة إلا أن الظروف خذلتني وتوقفت لأكمل الدراسة في فرع آخر بعيداً عن الفن هو الاقتصاد وإدارة الأعمال، لكن هذا لم يمنعني ولم يقف حائلاً بيني وبين الفن فتابعت الدراسة في المعاهد الفنية.

ـ كيف بدأت الرسم؟

ـ بدأت الرسم منذ كنت طفلة، استهوتني رسومات الفنان ممتاز البحرة على مناهجنا الابتدائية، ورسمتها وكنت رائدة طليعية على مستوى سورية بالرسم والخط مما أتاح لي المشاركة في معسكرات فنية وسافرت إلى بلغاريا رغم عدم تجاوزي المرحلة الابتدائية، وبعدها تدربت على يد الفنان الكبير محمد وهيبي الذي علمني ماذا تعني اللوحة الفنية فتعلمت منه مفهوم اللوحة واللون والخصوصية.

ـ أي المدارس الفنية أقرب إليكِ؟

ـ أحب كل المدارس الفنية ما عدا التكعيبية فهي لا تستهويني أبداً، وأعشق المدرسة التعبيرية فمجالها واسع ويعطيك حرية الحركة بالخطوط واللون كذلك السريالية والدادية لما تتيح للفنان خلق عوالمه. وبشكل عام الفنان لا يرسم حسب مدرسة معينة ألا أن خطوطه وطريقة رسمه وأسلوبه هي ما تجعله ينتمي لمدرسة ما.

ـ بمن تأثرت من الفنانين وأي تجربة كانت الأقرب إليك؟

ـ قد أحب تجربة فريدا كاهلو أجدها صادقة وتخلق شخوصها من رحمها ومعاناتها. فتخط لوحاتها بتعبيرية ممزوجة بسريالية ساحرة. ألا أنني أحب كل التجارب الفنية الجميلة ابتداءً من لوحات العصر الحجري المرسومة على الكهوف مروراً بعصر النهضة ورموزه إلى كل المدارس اللاحقة.. كلها أحبها ونتشرب منها من حيث لا ندري… وأحب بيكاسو في بداياته..فان كوخ..غوغان.. وأكثر ما أعشق ايفون شيلي وتجربته الغريبة.. كذلك أحب الفنانة الفرنسية لينوار فيني المتمردة.. أهوى التجارب الغريبة ومن سورية أعشق لؤي كيالي برومانسيته.. كذلك أعشق جبران هدايا وفاتح المدرس ببوهيميته.. وأحب جداً أحمد معلا بكرنفال لونه .

ـ لماذا اخترت الجسد العاري كثيمة واضحة في كل رسوماتك؟

لا أجد أجمل من الجسد العاري في الرسم والتعبير رغم صعوبته… فالخوف والانكسار والتحدي والضعف والهروب والمناجاة تعبيرها أجمل وأصدق بحركة الأجساد العارية ولغته. فكل حركة بثنايا الجسد البشرية هي رسول لما تقوله النفس وأشد صدقاً للوصول الى الحقيقة والتعبير عنها. لا أحب التقليد أبداً رغم تأثرنا بكل ماطرح من جمال فني فأنا أجد أن كل فنان هو حالة وجدانية خالصة ومعاناة خاصة جداً من ماض وحاضر وتجارب وأحاسيس، وعندما أرسم أنسى كل المدارس الفنية وكل الفنانين.. أحلق فقط مع أفكاري وريشتي ومشاعري.

ـ يتأثر القارئ بالقراءة حتى الكاتب يتفاعل مع كتاباته ربما يُثار أو يغضب أو يحزن، وقد تثيره أي صورة حسية مكتوبة أمامه على الورق، هل ينطبق ذلك على الفنان؟

ـ بصراحة أتأثر جداً وأعيش حالة اللوحة بكل تفاصيلها… أغضب وأحزن وأدخل حالة الحب، أعيش وجدان اللوحة باختصار وألا أكون مصابة بفصام شخصي.. لا يمكن الابتعاد عن وجدان اللوحة مطلقاً.. كحالة العشق بين محبوبين تماماً… أعتقد أن كل الفنانين يدخلون حالة التحليق في اللوحة ويعيشونها وهذا مايجعل اللوحة صادقة وتدخل الروح والقلب.

ـ التدقيق ببعض لوحاتك يجعل المشاهد يكتشف ملامحك في أغلب النساء هل ترسمين نفسك؟

ـ من غير أن أشعر أجد نفسي في بعض لوحاتي  ربما لأنني أكلم نفسي كثيراً، أجادلها أطرح عليها الأسئلة فتخرج اللوحة ونساؤها تشبهني خاصة صاحبة الموقف.. بصراحة من غير قصد.

ـ  هل تعتمدين على صور أو موديل للرسم؟

ـ مع غياب الموديل في بلدنا لا مفر من الصورة والتماثيل.. عادة أرسم الفكرة برأسي وأبحث عن الموديل لتكوين لوحتي من خلال الصور وغالباً ما أجد ضالتي في المنحوتات القديمة والتماثيل ذات الحركة  التي أطلبها.. أجد تلك التماثيل لعصر النهضة تغنيني جداً وهي جذابة للرسم وملهمة.

ـ هذا النمط من الفن تم محاربته وتهميشه في مجتمعاتنا منذ زمن بعيد ما الغاية من إعادة طرحه اليوم؟

ـ هذا الفن تم تهميشه ومحاربته فعلاً في الجامعات والمعاهد الفنية.. إلا أنه لم يغادر وجدان أي فنان قاطبة.. هو الفن الساحر والممتع  والملهم لكل  الفنانين.. هو فن موجود منذ الأزل انظر إلى الحضارات القديمة فينيقية.. فرعونية.. اغريقية.. انظر إلى جداريات عصر النهضة ورسوماته.. العري ولغة الجسد هي السمة العامة لأهمية الجسد ولغته.. انظر  إلى كل الفنانين اللاحقين تجد العري يحتل مساحة مهمة والجسد له بصمة قوية.. وعودته هو ليس لإحياءه بل لنفض الغبار عنه والرماد الذي تكدس عليه وطمسه في بلداننا الشرقية بسبب ثقافة الصحراء لمجتمعاتنا وخاصة بعد الثمانينات.. وأجد طرحه هاماً جداً لإطلاق روح الفنان الحرة وإطلاق المشاعر الإنسانية، فالجنة على الأرض وليست في السماء.

ـ يرى البعض أن الفنان الباحث عن الشهرة وإثارة ضجة حول اسمه يحاول كسر التابوهات في مجتمعه، ويتهمك البعض أنك اخترت هذا النمط من أجل الشهرة السريعة؟ ما ردك؟

ـ الحقيقة أني أرسم لأرسم فقط… فأنا كل سنين الأزمة لم أمسك قلماً أو ريشة  بسبب رائحة الموت التي فاحت في بلدي والحزن الشديد لما جرى.. إلا أنني قررت العودة منذ سنة ونصف عندما حصلت أول هدنة بدمشق وشعرنا حينها بعودة الأمان.. فمع وقف إطلاق النار عدت إلى لوحتي فأنا عاشقة للطبشور والباستيل والخطوط.

وأعشق لغة الجسد كثيراً وأحب رسمها وهذا ما ظنه البعض أنني أبحث عن الشهرة، إلا أنني ببساطة رسمت ما أحب وأشعر، وطرحت أفكاري بصدق وشفافية بالطريقة التي أحبها.. لم أفكر بالتابوهات ولا المحظورات ولا الشهرة.

ـ ما هي المعارض التي شاركت فيها؟

ـ رغم أنني قررت صياغة لوحة خاصة بي من سنة ونصف فقط.. فقد شاركت بأربع معارض جماعية فقط وبلوحات لا تحوي عرياً، لأنه في بلدنا من الصعب إقامة معرض فردي لتلك الأعمال فهكذا لوحات تعتبر جريئة وخارجة عن المألوف وضمن المحظورات.. لا توجد صالات عرض تتقبلها ولا مراكز ثقافية.. على أمل تغير الواقع وتتيح الصالات حرية التعبير للفنان بإتاحة عرض أفكاره وأسلوبه أياً كان والجمهور هو الحكم النهائي لأي عمل فني.

ـ كيف ترين استقبال الجمهور لأعمالك الفنية؟

ـ بصراحة رغم الهجوم الشديد على تلك الأعمال التي تعتبرها مجتمعاتنا خادشة للحياء.. ألا أن هنالك جمهور واسع يحبها وينتظرها بالرغم من المباشرة في الطرح لبعض الأعمال.. إلا أني أحظى بدعم كبير من فنانين كبار وخاصة فناني الجيل الأول وكذلك العديد من الأصدقاء الكتاب والشعراء.

ـ من يشرف على متابعتك فنياً؟

ـ الذي يشرف علي ويتابعني هو حدسي وبحثي واهتمامي وتجربتي اللونية المستمرة ومحاولة استعادتها بعد انقطاع.. وصفحات الإنترنت نافذة حرة ومجانية للعرض تطل على العالم وتحقق للفنان عرض أعماله كذلك تتيح له النقد والتساؤل والمناقشة من قبل المهتمين.

ـ ما رأي العائلة والأقارب بما ترسميه؟ هل تلقين التشجيع أم هناك اعتراضات؟

ـ هنالك من لا يحب ويعتبره عيباً وفجوراً وهنالك من يحبه ويعتبره هو الحقيقة الأزلية والوجود الحقيقي للحياة، لكن لا يهم فأنا أرسم ما أحب وما أجده ممتعاً بالنسبة لي، فالرسم حالة عشق متبادلة مع اللوحة حالة وجدانية نقية.. خارجة عن هواجس وتفكير الآخرين المحيطين بي، هي حالة خاصة جداً حتى لو بقيت داخل جدران الغرفة خاصتك..لا يهم..المهم الاستمتاع باللوحة والخط واللون والصدق هو مفتاح الفن ومداعبة الآخر.

 مجلة قلم رصاص الثقافية

عن فراس الهكّار

فراس الهكّار
صحفي وكاتب سوري، بدأ العمل في الصحافة السورية في عام 2006، ونشر في العديد من الصحف والمجلات السورية، كتب ونشر في بعض الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية العربية، أسس مجلة قلم رصاص الثقافية في بلجيكا عام 2016، ويترأس تحريرها.

شاهد أيضاً

“نحو مسرح عربي جديد ومتجدد” الدورة الـ 14 في بغداد

أعلنت الهيئة العربية للمسرح في بيان لها عن فعاليات الدورة 14 من مهرجان المسرح العربي، …

تعليق واحد

  1. Avatar
    محمد امين

    موضوع مميز اول مرة اسمع عن هذه الفنانة الحوار صريح و لوحاتها تحوي رسائل عميقة احببت اسلوبها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *