الرئيسية » نقار الخشب » فيلم «باب المقام»: قتل العذوبة في الشهباء

فيلم «باب المقام»: قتل العذوبة في الشهباء

في سهرة ما وبعد الشعر والقصة القصيرة ونقاشات ثقافية وقد اقترب الليل من نهايته شاهدنا لقطات من فلم باب المقام كان ذلك عند  (بشار ابراهيم) حين كان مخيم اليرموك حقيقة وليس ذكرى مؤلمة عن شوارع لا تنام حيث كانت تتناوب موجات القاطنين في المخيم على إحياء كل يوم من أيام المخيم كما يجب أن تحيا وكأنهم كانوا يشعرون أنهم سيفقدونه يوماً ما لهذا كان عليهم ألا يتركوا المخيم ينام وكان حظنا هو الليل شعرا وقصة وسينما وفي تلك الليلة كان باب المقام ولقطات منه أتحفنا بها بشار ابراهيم كما هي عادته دائما مما جعلنا نتابع بعضاً مما تسرب عن الفلم من وشايات وحكايات حوله وعنه وعن قصته والسيناريو الذي كتب عن هذه القصة الحقيقية..

هكذا قتل مخيم اليرموك كما قتلت “إيمان” بطلة الفلم فالمخيم وإيمان أحبا الغناء وحين تذكرت الفلم وشاهدته مرة أخرى لا أعلم كيف تسربت هذه المقارنة إلى ذهني وكم تشابهت ظروف مقتلها وقتل المخيم فزوجها كان سلبيا كما هم المسؤولون عن المخيم وأخيها الذي كان ينزلق إلى الأصولية وكان الجميع يشاهدنه دون أن يفعلوا شيئا كان كشباب المخيم الذين كنا نراهم يذهبون إلى التنظيمات ذات التوجه الاسلامي ودون أن نفعل شيئا أيضا والأب قليل الحيلة واﻷم المستسلمة الضعيفة هم بقية التنظيمات التي لا حول لها ولا قوة وتسلط الأجهزة الأمنية هم عم إيمان الذي يذبح الدجاج كما تذبح هذه الأجهزة كل من يجرؤ ويقول لا ومن لم يمت زج به في المعتقلات كأخيها ولن يراه أحد مرة أخرى كما لم نشاهد أخيها طيلة الفلم لانه قال: لا …

هكذا هي بطلة باب المقام، هي المخيم أمس وحلب اليوم التي تباد عن بكرة أبيها يوماً بعد آخر لأنها صدحت بأصالتها في وجه الحرب ورفضت التطرف والاعتقال بآن واحد فتكالب عليها الجميع… إيمان هي صوت اليمام في وجه الدبابة والصاروخ وكل ما جرى من أحداث في فلم باب المقام من تواطؤ وسكوت حتى قتلت إيمان نراه مجسدا بكل تفاصيله في قتل حلب… نعم كان الورق ركيكا والمخرج كان بارعا لكن ذلك لم يغفر للفلم ما وقع فيه فهو لم يرتق لما صنعه محمد ملص في “الليل” و”أحلام المدينه” وما قام به محمد ملص في  الليل وأحلام المدينه من محاذاة للأوضاع السائدة داخل الفلم وتوطئة حتى الوصول إلى النهاية المرجوة لم يوفق به في باب المقام لأن نسج السيناريو لحادثة حقيقية لم يكن مثاليا كما رغب هو حتى لو كان مخرجا فذا فكانت الرواية على الورق هشة ركيكة بالإضافة لما رافقها من محاكم وقضايا نتيجة الخلاف بين المخرج والكاتب وها هي حلب اليوم تباد والثرثرات عنها في نشرات الأخبار مستمرة دون انقطاع ودون أن يستطيع أحد وقف مخططات قتلها تماما كما فعل ذوو إيمان عندما خططوا لقتلها وهم يتناولون طعامهم بشراهة وبشاعة تصل حد قذارة منقطعة النظير…

هكذا يخطط لقتل حلب في الغرف المغلقة ولا نستبعد أنهم يضعون كعكة على شكل خريطة وكلما انتهوا من تدمير جزء من المدينة تناولوا وبكل دناءة جزء من الكعكة  هكذا يباد وطن على هذه الأرض يباد لأنه في يوم ما أحب الغناء كحلب.

مجلة قلم رصاص الثقافية

عن فؤاد ديب

فؤاد ديب
شاعر وصحفي فلسطيني سوري يعيش في ألمانيا، صدر له في الشعر (الورد لايوقظ الموتى -2006) و (ظل الرصاصة...جسد-2018).

شاهد أيضاً

متعبون من فرط النوم.. راقصٌ على إيقاع الغياب.. ضياع أنت يا صوت القصب

وحدكَ تدْقُّ الأرضَ عصاك مغشيّاً على وضحِ المدى   لا رفيقٌ يردِّدُ معك شعارَ الجلسةِ …