آخر المقالات
الرئيسية » نقار الخشب » فضائيات الإعلام السوري “مكانك راوح” إلى الأبد!

فضائيات الإعلام السوري “مكانك راوح” إلى الأبد!

ساندي إبراهيم  | 

يمكن أن تحصل على أمرين لا ثالث لهما إن قررت متابعة القنوات الفضائية السورية (الفضائية، تلاقي، دراما…)، الضحك الذي له فوائد عديدة ومنها إطالة العمر، والضجر الذي يزيد الغم ووجع القلب ويقصر العمر، وهنا تصبح المسألة قدرية لا مناص منها، بمعنى أوضح أنت وحظك في أي وقت ستفتح تلك القنوات وتجلس لمشاهدتها، أما أنا فكان نصيبي هو الضحك، ولن أبالغ إن قلت الضحك المُفرط الذي انتهى بالبكاء من الواقع المزري الذي وصلنا إليها، ونتابع السير فيه بخطى ثابتة نحو الهاوية.

المذيعة أليسار مُعلا،  المدعومة على جميع الجبهات ولا يوجد غيرها للمهمات الخارجية مثل جينيف (للتسوق) وغيرها، ضيفها رفيق نصر الله على الفضائية السورية..

“متى سيكون حفل افتتاح كتابك”؟

لم يسبق أن سمعت بحفل افتتاح كتاب، وحين أجاب الضيف، قال: “حفل توقيع كتابي سيكون…….”، مُحاولاً أن ينبّه المذيعة إلا أنها عادت لتؤكد أربع مرات خلال الحلقة أن “حفل افتتاح كتاب الأستاذ سيكون…..”.

شعرت بالضجر، وغيرت المحطة بحثاً عن المتعة والفائدة، كانت محطتي التالية قناة تلاقي، تلك القناة التي افتتحوها من أجل الرقي، وتكوين ثقافة جديدة إلا أنها وقعت في مطب اختصاصات موظفيها، معظمهم درسوا في كليات الزراعة لذلك تجد أغلب برامج القناة عن الحيوانات، كذلك حين تتابع صفحة القناة على الفيسبوك تجد أن البوستات المنشورة عن إناث البطريق والكلاب والقطط لتعتقد في لحظة أن آدمن الصفحة خريج أحد المعاهد البيطرية في سورية.

كانت المذيعة تسأل “الشاعر” الضيف:

ـ “حضرتك تكتب شعر التفعيلة، فينا نقول هو ( منطقة خطيرة ) بالنسبة للشعراء غالباً، ليش توجهت لهذا الشي”؟

ـ “لما بدك تكتب شعر لازم تكون بحالة معينة أو شايف شي معين أو ممكن بكل بساطة أنت تكتب شعر بدون ما تشوف شي”؟

ـ “يعني خلينا نئول الديوان ياللي أنت أصدرته مانو موجه لحدا ومانو من موقف ولا حتى العنوان اخترته لشيء مُعين، اخترته لأنه كان الأقرب لقلبك أو كيف”؟

وقبل أن يدهمني الضجر مرة أخرى أقلب المحطة إلى قناة سورية دراما، بحثاً عن فرصة للضحك، وبالفعل حصلت عليها أخيراً، هنا كانت المذيعة تسأل ضيفتها الشاعرة منذ سنوات والروائية منذ أيام.

ـ “كيف تعلمت الكتابة”؟

ـ “الحقيقة الوالدة كانت تعمل بالاتحاد النسائي، وطبيعة عملها تفرض عليها السفر الدائم بين المحافظات، وكلما كانت تسافر إلى محافظة يومين ثلاثة أكتب لها رسالة وأرسلها لها، وهي بدورها لديها إلمام باللغة لذلك تبدأ تصحح لي اخطائي في ردها على رسالتي ومن هنا تعلمت الكتابة…”.

بعد سماع تلك الإجابة كان لابد من أن أضحك، يجب أن تضحك رغماً عنك، لأن الإجابة غير متوقعة، هل يكفي غياب ثلاثة أيام لكتابة رسالة وإرسالها إلى محافظة أخرى وأن تصل ويتم الرد عليها وترجع، ربما يحتاج ذلك إلى الحمام الزاجل ولا اعتقد أن مؤسسة البريد السورية تعتمد عليه في مراسلاتها.

إذاً هذه حال قنوات الإعلام السوري الرسمي التي لا تختلف كثيراً عن حال الثقافة السورية، وفيما ذكرته نماذج بسيطة لمجازر ترتكب بحق الثقافة والفكر والإعلام، إن القائمين على ذلك الإعلام يحتاجون سنين ضوئية كي يتطوروا ويطوروا أساليبهم، ويعززوا ثقافتهم أولاً كي يستطيعوا التأثير بالمشاهد الذي يتابعهم، وإلا سيبقى الإعلام السوري بكل مفاصله “مكانك راوح” إلى الأبد.

شاعرة سورية | خاص موقع قلم رصاص

عن قلم رصاص

قلم رصاص

شاهد أيضاً

مصلوبٌ على باب الرقة

(1) في بلدتي يأتيكَ بالأخبار بائعُ الأحلامِ  والمناجلِ وسكَّاراتُ البليخ والحطّابات وتُشنقُ الطفولةُ دون أنْ …