الرئيسية » رصاص خشن » الموت هرباً..
لوحة الفنانة آني كوركدجيان

الموت هرباً..

عامر العبود  |  

 

المكان: دمشق حتى تاريخه.

الزمان: نسبي.

الشخصيات: ثلاثة أخوة، وجثة، وكلبهم.

الأخ رقم (1): ما العمل الآن، ها قد حزمنا الحقائب، وتأكدنا أن وزنها بتناسب مع الوزن المجاني في الطائرة، ما هي الخطوة التالية؟.

الأخ رقم(2): لن نستقل الطائرة، لا يمكن أن نركب الطائرة… الطيران ممنوع هنا!.

رقم(1): نعم؛ الطيران ممنوع، حتى ممدوح حمادة سماها (سيريمودا)!.

رقم(2): يجب أنْ نتخلص من الجثة!

رقم (1): لا يوجد قبور، القبر أغلى من تأشيرة الدخول إلى أمريكا… ربما علينا الانتظار قليلاً، ستتغير الأمور نحو الأفضل، لا بد أنْ تصبح القبور متوفرة يوماً ما، لا بد أنْ يصبح الطيران متاحاً، لماذا العجلة أيها الأخوة، هل يُعقل أن نتخلى عن بيتنا الصغير هذا؟، دعونا ننتظر، لا بد أنْ تتحسن الأمور، والقبور، والطائرات.

رقم (2): ربما… لكنني أخشى أن نتراجع، لقد كانت القبور متاحةً ولم نمت!، وكانت الطائرات تغلي كخلية نحل فوق رؤوسنا، ولم نركب أي منها، أخشى أن نغير رأينا إذا تحسنتْ الأمور، يجب أنْ نذهب أيها الأخوة، لقد سمعت أخباراً أكيدة تنبئ بحلول وشيكة، إنها قاب قوسين، أو أدنى، يجب أن نستعجل الرحيل قبل أن تهدأ الأمور، فتغرينا كذبة جديدة، كالتي منعتنا من الموت والسفر.

رقم (1): منذ عدة سنوات، كنا ننتظر شيء ما!، لم يأتي حسب المنطق العام للأمور، لكن هل تظن حقاً أن شيء ما سيتحقق لمجرد تغيير المكان؟، أقول؛ ربما اقترب الوقت الذي سنعيد فيه المجد للبراد، ستفتح البراد يا أخي، كأنك تفتح باب الجنة، موز ولبن وعسل، وكل ما تشتهي نفسك، دعنا ننتظر قليلاً، ربما تعود اسطوانة الغاز لتصبح اهتماماً هامشياً، فقط اترك للمخاض وقتاً كافاً، لتكون الولادة سليمة، ربما سنتمكن من شراء الطعام للكلب، كي لا ينهش من الجثة مجدداً.

رقم (2): والجثة؟!

رقم (1): ما بها؟

رقم (2): هل سنأخذها معنا؟!

رقم (1): لا يسمحون للجثث بركوب الطيارات.

رقم (2): قلت لك لن نركب طائرة من هنا أبداً، يجب أن نذهب لسويسرا الشرق، وهذا كابوس كبير.

رقم (1): لذلك أقترح أن ننتظر.

رقم (2): لن أنتظر دقيقة واحدة، اسمع… سأتحول لذبابة، لكنني لن أنتظر.

كاتب سوري |  خاص قلم رصاص

عن قلم رصاص

قلم رصاص

شاهد أيضاً

متعبون من فرط النوم.. راقصٌ على إيقاع الغياب.. ضياع أنت يا صوت القصب

وحدكَ تدْقُّ الأرضَ عصاك مغشيّاً على وضحِ المدى   لا رفيقٌ يردِّدُ معك شعارَ الجلسةِ …