الرئيسية » رصاص حي » وترجل مالك شبل فيلسوف الحب في الإسلام

وترجل مالك شبل فيلسوف الحب في الإسلام

ترجل المفكر الجزائري والفيلسوف مالك شبل صبي الريف السكيكدي الحالم، صدر الآهات والصبر الجميل؟ وقد ولد بمشتة ʺبونتوزʺ في الريف السكيكدي عام 1953  وهي ضواحي تطل على البحر وينحدر أهله من أعالي شاطئ ʺجان داركʺ في مشتة تسمي ʺالأغواتʺ،  وأغلب الظن أنه سيدفن هناك، وليس بعيداً نشأ صبياً يافعاً، وهناك درس وأكمل تدرجه العلمي تحت سموات وطنه فيما تلا سنوات استقلاله، وقد رحل فليسوف إسلام الأنوار كما يوصف صبيحة الثاني عشر نوفمبر ألفين وستة عشر.

كان الراحل مالك شبل من نجباء ثانوية محمد التبسي في أواخر ستينيات القرن المنصرم، وكانت الأشهر بمدينته النائمة في حضن البحر روسيكادا الرومانية  ʺسكيكدة المدينةʺ، ويذكر رفاقه أنه كان يملك كراسة كناش ورقي قديم  يخبئها في محفظته، وكان يدون كل شيء فيها، فمند نعومة أظفاره كان كذلك وظل ثاقب القول والفكرة، فيما كان ضيق العيش يحاصر أهله.

ترجل الفيلسوف العاشق، والذي عانى تهميشاً وفقراً ترعرع بينهما ففي ضيق فسحة الثقافي الجزائري المتاح وقتها  لم يستوعبه زمنه مند سبعينيات قرن مضي إلى ما تلا رحيله؟

مالك الشبل لم تستوعبه أراضي الظلاميين والجهل الضارب هنا وما يزال، ولعل السنوات المجنونة لما بعد الحرية عاشها بجرح عظيم إلى أن ركب البحر مع مطالع ثمانينات القرن الماضي فاستقبلته جامعات فرنسية وأهلته لما أصبحه.

فيلسوف مفكر وأكاديمي لا يشق له غبار منذ  أول دكتوراه نالها عام 1980 وهي الممهدة للبدايات ولما سيأتي؟

يقول عارفوه: إن الثقافة الفرنسية الرسمية قد أعطته ما لم يُعط في وطنه، هناك أعطي تقديراً علمياً وعيشاً رغيداً، وما تلا عقود الثمانينات والتسعينات والألفين كانت الإشراقات البحثية والفتوحات العلمية والفلسفية فقد أسس مالك شبل لما سميّ لاحقاً، الحب في الإسلام وهو نظريته الأهم، وعصر الأنوار الإسلامي الذي يكاد يعرف به، لقد كان روحاً مجددة للفلاسفة الآباء من عصور الأنوار في  الغرب.

كان أول من تحدث عن العشق والحب في الإسلام وألف فيهما، وأول من رفع الستار عن مسائل المحرمات والمرأة والجنسية المثلية، وشتى تجليات أيامه العصرية التي فكر لها بمقامات قرآنية وإرث إسلامي عظيم.

رحل الذي في جعبته ثلاثة شهادات دكتوراة، نأل أول دكتوراة في “النفسانيات” عام 1980، ونال في1982 دكتوراة في “الانثربولوجيا”، وفي 1984 دكتوراة في العلوم السياسية، وكتبه ومؤلفاته تفوق 20 كتاباً، وموسوعات استثنائية  لعل “قاموس الحب”، وموسوعة “الحب في الإسلام” أشهرهما على الإطلاق، وله ترجمات مميزة قائمة على نظرته الأعمق لما يسميه الإسلام المستنير وأشهرها رائعته  الفريدة الترجمة القرآنية للكتاب الكريم، وقد جاءت ترجمة للمعنى بعيد عن اللغة واللسانيات فيما يفوق 1300 صفحة.

مالك شبل لم يسعفه عمره ليقول كلامه كله، فترجل سريعاً لعلمه أن لا شيء يستحق الوداع؟ بعدما عاش 63 عاماً كانت كافية أن تستهويه الأبدية ليرحل طاعناً بالمعرفة مستبشراً بما وهب غافراً لمن ناصبوه؟

أتذكره، أني رايته مرة واحدة مند سنوات خلت على شواطئ “جان دارك” في سكيكدة زمن الصيف الحار مفترشاً رمل مسقطه ومحدقاً إلى الزرقة مبتسماً للاشيء، كنا ثلاثة وبقينا ننظر إليه من بعيد، لم نجرؤ على الاقتراب لعلمنا أنه كان مهاباً فلا يُقرب.

لقد عاش بسيطاً وظل كذلك ورحل في صمت؟

لقد كان الراحل فيلسوفاً مكتمل البنيان، ومثقفاً أكاديمياً ورجل دين إسلامي مستنير، وكان شاعراً في شبابه وكاتباً مرموقاً، ومفكراً سياسياً والأهم أنه كان مواطناً  لطالما سكنه الحزن فأخفاه عن العالمين، فسلاماً يا شبل في الأبدية.

 موقع قلم رصاص الثقافي

عن يسين بوغازي

يسين بوغازي
شاعر وكاتب وصحفي جزائري، يكتب في العديد من الصحف والمواقع الإلكترونية الجزائرية والعربية، صدر له كتاب توثيقي حول أغنية الراي الجزائرية (الراي..الأغنية الجريحة شجن الهامش).

شاهد أيضاً

متعبون من فرط النوم.. راقصٌ على إيقاع الغياب.. ضياع أنت يا صوت القصب

وحدكَ تدْقُّ الأرضَ عصاك مغشيّاً على وضحِ المدى   لا رفيقٌ يردِّدُ معك شعارَ الجلسةِ …