آخر المقالات
الرئيسية » نقار الخشب » الرقابة التلفزيونية في سورية.. “شر البلية ما يضحك”

الرقابة التلفزيونية في سورية.. “شر البلية ما يضحك”

ماهر منصور | “شر البلية ما يضحك”.. هذا هو حال الرقابة التلفزيونية في سورية، وقد تمادى الرقيب التلفزيوني كثيراً في مفهومه لما هو مسموح أو ممنوع، على نحو بدا فيه أنه يعيش خارج واقعه ولا يمت للمنطق والفكر بصلة.

الأيام القادمة كفيلة بالكشف عما سيفعله مقص الرقيب في مسلسلات هذا العام، ولاسيما أنه بدأ هذا فعل القص والحذف مبكراً، فاعتدى رقيب قناة “سورية دراما” على نص “أحمر” للمخرج جود سعيد والكاتبين علي وجيه ويامن الحجلي، وقام بحذف مشهد لدخول ضابط أمن بهمجية وتعجرف إلى مبنى الإذاعة التي تعمل فيها بطلة العمل. مع العلم أن الدراما السورية تحفل بمشاهد شبيهة، الأمر الذي استدعى رداً من قبل الكاتب علي وجيه عبر صفحته على “فيس بوك”، فكتب معلقاً: ” أيها الرقيب الجاهل: ارجع عالكهف أشرفلك… واضح إنك ما بتعرف إنا بالألفية التالتة”.

وبالمثل كشف الكاتب فادي قوشقجي عن قيام رقيب “سورية دراما” باقتطاع “مشهد قصير وعبارتين من حوارات المشاهد الاخرى” من مسلسله “نبتدي منين الحكاية”، وكتب قوشقجي على صفحته في “فيس بوك” أن ” لا شيء جوهري في ما تم اقتطاعه اليوم، لكن الامر يدل على العقلية التي حكمت الحذف.. مما يثير توقعات باقتطاعات أخرى لاحقاً”.

من المؤكد أن الرقيب التلفزيوني لن يكف عن فعل القص والحذف… ولكن ما الذي يفعله مقصه حين يحذف مشهداً من مسلسل..؟

هل يريد تجميلاً للواقع في المسلسل، أو إعادة المسلسل إلى صوابه الواقعي..؟!

ما الذي يخشاه الرقيب في التلفزيون السوري حتى يقوم بعملية الحذف أصلاً.. ؟

هل يخشى خدش حياء المشاهد…ذلك المشاهد نفسه الذي يُستباح حياؤه على الفضائيات كل يوم أكثر من مرة وتستبيح الحرب الدائرة حوله دمه ألف مرة؟

هل يمارس الرقيب دور حارس القيم والأخلاق..؟

من منحه الحق بأن يكون وصياً على ما نأخذه وما لا يجب ألا نأخذه..؟

الأسئلة السابقة غالباً ما تلقى أجوبة ضبابية غير مقنعة، إذ لا يمكن أن تبرر حالة أسر العقل، وقد خلقه الله حراً ليتفكر، ومنحه القدرة على التمييز بين ما يأخذ وما يرفض، ثم أن ما يقص ويحذف هو نتاج إبداع إنساني، ما من أحد يمنحه صفة القدسية، تماماً كما من أحد يستطيع الجزم بخطأ كل ما يطرحه، ورغم كل تلك المسلمات التي لا تحتاج صحتها إلى براهين، سيصر مقص الرقيب على مهمته،حذفاً وتعديلاً… وسنظل نحن نضحك على شر البلية ونتحسر على نزيف درامانا.

صحافي ثقافي وناقد درامي

عن قلم رصاص

قلم رصاص

شاهد أيضاً

مصلوبٌ على باب الرقة

(1) في بلدتي يأتيكَ بالأخبار بائعُ الأحلامِ  والمناجلِ وسكَّاراتُ البليخ والحطّابات وتُشنقُ الطفولةُ دون أنْ …