الرئيسية » رصاص حي » هندسة السلوك.. هكذا يؤثر الإعلام علينا

هندسة السلوك.. هكذا يؤثر الإعلام علينا

في عالمنا الحديث الممتلئ بالتكنولوجيا، نتعرض لوابل من الخيارات – شاهد هذا، أو اقرأ هذا، أو استمع إلى هذا. مجتمعنا مليء بوسائل الإعلام والإخبار والترفيه، وتأثيرها على معتقداتنا وأفكارنا وأفعالنا بليغ. إن الأشياء التي نسمح لها بملء أذهاننا تؤدي في نهاية المطاف إلى تشكيل كياننا – فنحن نصبح ما نفكر فيه. إن وسائل الإعلام التي نختار استخدامها تؤثر علينا حتماً – سواء بشكل إيجابي أو سلبي. في ظل هذا التدفق الغزير للمعلومات من قبل وسائل الإعلام التي تحاصرنا بطريقة لا يمكننا تجنبها، فإن مسؤوليتنا لا تقتصر على تجنب وسائل الإعلام السلبية، بل في اختيار وسائل الإعلام المفيدة.

التكنولوجيا في حد ذاتها يمكن توظيفها في سياقات الخير والشر. في المحصلة إن الأهداف التي يتم تحقيقها باستخدام التقنيات/ ومن خلالها هي في نهاية المطاف مؤشرات على مستوى التطور والتحديث. لذلك ليس علينا رفضها، بل أن نستخدمها بطرق يمكن أن تثري حياتنا.

يمكننا استخدام قوة وسائل الإعلام لصالحنا لتحسين تفكيرنا وسلوكنا من خلال إدراك قابليتنا للتأثير الإعلامي وإدراك مدى تأثيره علينا، وعبر تحديد واختيار الفرص الإعلامية الإيجابية.

كيف يؤثر الإعلام علينا؟

لا أحد محصن ضد تأثير وسائل الإعلام. لا يمكننا أن نتوقع الاستمتاع بالوسائط المصممة للتأثير علينا عقلياً وعاطفياً دون أن تستمر في التأثير على عقلنا الباطن لفترة طويلة بعد انتهاء الفيلم، أو إغلاق الكتاب، أو بعد الاستماع للأغاني. أولئك الذين يعتقدون أنهم لا يتأثرون بوسائل الإعلام هم في الغالب الأشخاص الأكثر تأثراً، وذلك على وجه التحديد لأنهم ينكرون تأثير وسائل الإعلام وبالتالي فإنهم ليسوا على دراية بما يجري. وكما سيستمر الماء في التسرب إلى القارب المثقوب، حتى لو لم ندرك أنه متسرب، كذلك ستستمر وسائل الإعلام في التأثير على أفكارنا سواء انتبهنا لتأثيرها أم لا.

يمكن لوسائل الترفيه أن تؤثر على أفكارنا، لذلك نلجأ إليها لتجنب التوتر والضغط اليومي. غالباً ما نسعى إلى الترفيه باعتباره عزاءًا مؤقتاً من المشاكل اليومية، سواء أكان ذلك في الأفلام، أو الكتب، أو التلفزيون، أو المجلات، أو الموسيقى. على الرغم من أننا نستخدم وسائل الترفيه للاسترخاء، إلا أنه يجب ألا نسمح أبداً لمعاييرنا بالاسترخاء. في ذلك الوقت بالتحديد يجب أن نكون حذرين فيما نتركه في أذهاننا.

ومن أجل الاستمتاع الكامل بتجربة الترفيه، يقبل بعض الأشخاص غريزياً الرسالة المقدمة في وسائل الإعلام، وبالتالي يسمحون للمنظور الضمني بالتأثير على إدراكهم.

حين نشاهد بعض الأفلام فإن الحقيقة تعتمد على تأسيس مبكر ومقنع تماماً لعالم غريب، أو خيالي، أو تصور لزمن مختلف، أو لشخصيات غير عادية، بحيث تأسرنا الروح العامة والمزاج والجو الخاص بالفيلم. إذا كان المخرج ماهراً في خلق هذا المظهر من الحقيقة، فنحن على استعداد لتعليق عدم تصديقنا وترك شكوكنا وتفكيرنا العقلاني وراءنا عندما ندخل العالم الخيالي للفيلم.

إذا أوقفنا عدم تصديقنا، فإننا نميل إلى الانفتاح على القيم والتوقعات والمعتقدات التي تصورها وسائل الإعلام. وهكذا، يمكن لوسائل الإعلام أن تؤثر بشكل خفي على أفكارنا. ولكن في هذا التأثير هناك خطر قبول وجهات النظر التي لا تتفق مع معتقداتنا.

إن الكلمة اللاتينية  entertainment التي تعني ترفيه هي في الأصل كانت تعني تحويل العقل بغرض الخداع. في الأوقات التي نسعى فيها للتحويل، نحن نستخدم وسائل الإعلام لإلهاء أنفسنا عن مشاكلنا الحقيقية، ونراهن على أنها يمكن أن تجعلنا نؤمن بما تقدمه لنا الآن. كلما كانت الوسيلة أكثر مصداقية، كلما استمتعنا بها أكثر – بغض النظر عن مدى صحتها أو خطأها.

تقول عالمة النفس الاجتماعي “كارين ديل”  Karen E. Dill “عندما نسمح لأنفسنا بالانجراف إلى العالم الخيالي، فإننا نغير مواقفنا ومعتقداتنا بحيث تكون أكثر اتساقاً مع الأفكار والادعاءات التي نجدها في القصة أو الرواية أو الفيلم”. نحن نستبعد عدم الثقة لدينا، ومن خلال القيام بذلك، نفتح أنفسنا بشكل عشوائي ونستوعب نظام الاعتقاد الذي يتم تمثيله في العالم الخيالي ونتصرف بناءً على تلك التصورات والأفكار. في كثير من الأحيان، ما نراه على الشاشة يثير تغييراً أو رد فعل لا ندركه. هذه هي الطريقة التي يشكل بها العالم الخيالي لوسائل الإعلام تصورنا للواقع

من خلال السماح لوسائل الإعلام بتحقيق هدفها المتمثل في الترفيه عنا، يمكننا استبدال تفكيرنا العقلاني الطبيعي بالأفكار التي تعرضها وسائل الإعلام، مما يؤدي في النهاية إلى تغيير معتقداتنا وسلوكياتنا.

من أجل السيطرة على تأثير وسائل الإعلام على حياتنا، من الأهمية بمكان أن نختار وسائل الإعلام البناءة، وأن ندرك مدى قابليتنا لتأثير وسائل الإعلام. حيث تؤثر وسائل الإعلام على أفكارنا، وبالتالي يمكن أن تؤثر على أفعالنا.

كيف يمكننا اختيار الخيارات الإعلامية الإيجابية؟

من خلال فهم تأثير وسائل الإعلام على حياتنا، يمكننا أن نتعامل بوعي مع الفرص المتاحة لنا. إن اختياراتنا سوف تصنع عالماً من الاختلاف، لأنها ستحدد مدى استجابتنا لما يدور من حولنا.

إن مسؤوليتنا لا تقتصر ببساطة على تجنب/ أو رفض وسائل الإعلام السلبية، بل أن نحيط أنفسنا بنشاط بوسائل إعلام مفيدة. ولحسن الحظ، هناك مخزون إعلامي كبير جداً، وهناك الكثير مما هو جيد ومفيد، حيث يتم الحفاظ على القيم واحترامها. هناك عدد لا يحصى من الكتب والأفلام والأغاني وغيرها من الأشياء التي تحتوي على رسائل عن الأمل، والسعادة، والحب، واللطف، والفرح، والتسامح.

بسبب حجمها المذهل، فإن وسائل الإعلام في عصرنا تعبر عن مجموعة لا حصر لها من المواقف التي تتناقض بشكل صارخ مع بعضها البعض. وعلى النقيض من الجانب الضار والمتساهل للغاية، فإن بعض وسائل الإعلام تقدم الكثير مما هو إيجابي وجيد، ولذلك فإن التحدي الأكبر الذي يواجهنا هو اتخاذ خيارات حكيمة بشأن ما نستمع إليه وما نشاهده.

قد يكون هناك برنامج تلفزيوني أو سلسلة كتب استمتعنا بها ذات يوم وتسببت في ترجيح كفة المقياس الأخلاقي، ولكننا نجد أنه من الصعب تركها، أو ربما يكون الفيلم الجديد يحظى بشعبية كبيرة أو مغرياً ولا نعتقد أنه يمكن أن يسبب أي ضرر لمشاهدته. ومع ذلك، إذا استسلمنا قليلاً، يصبح من الأسهل أن نستسلم أكثر لاحقاً، حتى نستسلم تماماً ونستمتع به، وهو الأمر الذي قد نجد صعوبة في العودة منه. ولكن من خلال وضع معايير لأنفسنا حيث نسمح لأنفسنا فقط باستخدام الوسائط المفيدة التي تُغني عقولنا وتُثري أفكارنا.

مع الفوائد العظيمة لتكنولوجيا الإعلام تأتي مسؤولية اختيار الطريقة التي سنستخدم بها هذه التكنولوجيا.

كيف تؤثر وسائل التواصل الاجتماعي علينا؟

تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الأفراد هام جداً. يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تؤدي إلى تآكل احترامنا لذاتنا عندما ننخرط في المقارنة المستمرة.

غالباً ما تظهر وسائل التواصل الاجتماعي في قائمة الأسباب حول تدني احترام الذات، وخاصة مع النساء يصفون كيف يشعرون بعدم الارتياح بعد قضاء الوقت على Instagram أو Facebook كما لو أنهم وحياتهم ليست جيدة بما فيه الكفاية، كما لو أن كل شخص آخر لديه حياة رائعة وهم مخطئون تماماً. وهم ليسوا وحدهم الذين يشعرون بهذه الطريقة.

لا تزال وسائل التواصل الاجتماعي ظاهرة جديدة نسبياً. ولذلك، بدأ الباحثون للتو في فهم تأثير وسائل التواصل الاجتماعي. اتضح أنه هناك علاقة ارتباطية بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وحدوث الاكتئاب، والقلق، وتدني احترام الذات، والشعور بالوحدة. يزداد الأمر سوءًا كلما زاد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

تم في العام الماضي سؤال 5000 طفل وشاب في المملكة المتحدة عن استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي. توصل الباحثون إلى أن أكثر من نصف المشاركين في الاستطلاع يعانون من انخفاض احترام الذات بعد القيام بجولة على وسائل التواصل الاجتماعي. حيث يبدأون في التساؤل عما إذا كان مظهرهم وحياتهم بشكل عام جيدة بما فيه الكفاية.

وأشار 63% من الأطفال والشباب الذين شملهم الاستطلاع أيضاً إلى أنهم لن يمانعوا إذا لم يتم اختراع وسائل التواصل الاجتماعي مطلقاً. ولذلك يشعر الأطفال والشباب بالتأثير السلبي لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي ويفضلون الابتعاد عنها.

وفي عام 2016، تم إجراء دراسة في الولايات المتحدة الأمريكية حول استخدام الشباب لوسائل التواصل الاجتماعي وارتباطها بالاكتئاب. سُئل 1787 شخصاً تتراوح أعمارهم بين 19 و32 عاماً عن استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي: ما هو مقدار الوقت الذي يقضونه على وسائل التواصل الاجتماعي يومياً؟ كم مرة يتواجدون خلال الأسبوع؟

وتمت ملاحظة أن أكثر حالات الاكتئاب تحدث بين أولئك الذين كانوا في أغلب الأحيان يقضون وقتاً أكثر من سواهم على وسائل التواصل الاجتماعي.

لاحظ أن هذه الدراسة أجريت بين البالغين. يُكتب الكثير في وسائل الإعلام عن التأثير السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال والشباب. لكن وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر علينا جميعاً.

لاحظ أيضاً أنه حتى لو كان هناك ارتباط بين حدوث شيئين (الوقت الذي نقضيه على وسائل التواصل الاجتماعي والاكتئاب)، فإن ذلك لا يخبرنا ما إذا كانت هناك علاقة سببية. وهذا هو نقطة الضعف في كثير من الدراسات التي تجري حاليا حول استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

تأثير وسائل التواصل الاجتماعي: لماذا هو سلبي؟

تشير العديد من الأبحاث إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تؤثر سلباً على صحتنا العقلية. كيف يمكن للمرء أن يفهم ذلك؟

إحدى الطرق لفهم ذلك هي النظر إلى ما تدعوك وسائل التواصل الاجتماعي إلى القيام به من مقارنة نفسك بالآخرين. يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي أن تؤدي إلى تآكل احترامنا لذاتنا عندما ننخرط في المقارنة المستمرة.

فمن ناحية، كنا دائماً نقارن أنفسنا ببعضنا البعض. نحن البشر ننظر إلى بعضنا البعض ونقيم تطورنا ونجاحنا ـ وإخفاقنا أيضاً ـ بناءً على كيفية سير حياة الآخرين. لكن على وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت هذه المقارنة جنونية لسببين:

أولاً: عدد المقارنات المحتملة. لقد زاد عدد الأشخاص الذين يمكنك مقارنة نفسك بهم بشكل كبير مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي. في السابق، كان بإمكانك مقارنة نفسك بجيرانك وأصدقائك وزملائك. الآن يمكنك مقارنة نفسك بعدد كبير من الأشخاص طوال الوقت. زملاء الدراسة القدامى، وزملائك الطلاب، والأشخاص في أجزاء أخرى من العالم، والأشخاص المشهورين.

أشخاص لم تكن تعرف عنهم شيئاً قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي. الناس الذين قد انزلقوا إلى النسيان. الأشخاص الذين تختلف ظروف حياتهم تماماً عن ظروفك.

ثانياً: ما تقارن نفسك به. عندما تقارن نفسك بالآخرين على فيسبوك، فهي صورة معكوسة تقارن نفسك بها، لكنها ليست صورة حقيقية. معظم الأفراد يعيشون حياة طبيعية عادية مليئة بالصعود والهبوط، وقهوة الصباح، وجبة الطعام مع زميل العمل، وركوب الدراجة للمدرسة تحت المطر، والصديق الذي يتركك، نصائح الأهل والأسرة، متطلبات الزوجة والأطفال، وأي شيء آخر يمثل الحياة العادية تماماً.

لكن على فيسبوك وإنستغرام، نعرض فقط ما يسير على ما يرام – النجاحات وظروف الحياة الكبيرة والإيجابية مثل: “مرحباً، انظر إلي، لقد حصلت على هذه الوظيفة الرائعة”. أو: “مهلا، انظر إلي، أنا حامل”. “لقد تزوجت. انظروا إلى زوجي الوسيم”. “مرحباً، شاهدني هنا مع جميع أصدقائي الرائعين”. “لقد اشتريت منزلاً/ سيارة جديدة، انظروا كم هي مذهلة”. “ها أنا والعائلة أثناء قضاء العطلة في هذه المدينة الساحرة”.

المقارنة هنا تؤدي إلى تآكل احترام الذات. عندما نقارن أنفسنا باستمرار بالآخرين على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن ذلك يسبب لنا التوتر. يصبح حال بعض الناس: “لماذا لم أتمكن من الوصول إلى هذا الحد في حياتي مثل…؟”. “لماذا لم يعد لدي أصدقاء من المدرسة الابتدائية/المدرسة الثانوية/الكلية/المدرسة الثانوية/الجامعة مثل…؟”. “لماذا لا أملك منزلاً جميلاً/ جسماً جميلاً/ صديقاً/ طفلاً/ الكثير من المال/ فرصة الذهاب في رحلات جميلة…؟”

“لماذا لم أفعل…؟””. لماذا لم أحصل على…؟”… الخ.

يتم الرد على جميع الأسئلة بالاستنتاج: يجب أن يكون هناك خطأ ما معي. انا لست جيد/ة بما فيه الكفاية. أنا لا أقدر مثل الآخرين. أنا إنسان/ة فاشل.

عالم بلا جدران

جعلت وسائل التواصل الاجتماعي، العالم ـ بطريقة ما ـ صغير جداً.

أتاحت للأفراد التفكير بجميع المجالات الممكنة الآداء في حياتنا – والتي ربما لم نفكر في القيام بها في غياب تلك الوسائل.

وعندما يكون ما نقارن أنفسنا به، علاوة على ذلك، صورة مشرقة، فإن الأمور تسوء تماماً بالنسبة لاحترامنا لذاتنا. عندما نرى نجاحات الحياة واللحظات الإيجابية في العمل، وأطباق الطعام، والغذاء الوفير، فإن مفهومنا عن الحياة الطبيعية يتلاشى.

على الرغم من أننا نعلم بشكل عقلاني أن حياة الآخرين على وسائل التواصل الاجتماعي يتم تحريرها في الاتجاه الإيجابي، إلا أن الصورة اللامعة تؤثر علينا. وصلنا إلى الاعتقاد أنه من الطبيعي أن تكون الحياة عبارة عن نجاحات الواحد تلو الآخر، فيما يشبه طبقات الكعكة. سوف نؤمن بأننا نستطيع الحصول عليه. ونحن نضغط على أنفسنا إلى أقصى الحدود عندما لا نحصل عليها – وهو ما يحدث غالباً.

لكن أليس هناك آثار إيجابية لوسائل التواصل الاجتماعي أيضاً؟

 ماذا عن الاتصال والمجتمع عبر الحدود الوطنية وتبادل المعلومات وما إلى ذلك؟

نعم، بالطبع هناك جوانب إيجابية لوسائل التواصل الاجتماعي. إنه لأمر رائع أن تكون قادراً على البقاء على الاتصال/ وتحديث أخبار الأشخاص الذين يعيشون بعيداً بسهولة، أو الذين لا تتواصل معهم يومياً، والذين ترغب في البقاء على اتصال معهم. ومن الرائع أيضاً أن يتم الاتصال بأشخاص جدد تماماً عبر وسائل التواصل الاجتماعي – من خلال الاهتمامات المشتركة أو ما شابه.

لكن متى يكون الأمر جيداً جداً؟ ومتى يتوقف استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ويصبح سيئاً بالنسبة لنا؟

الجواب عند طلاب الجامعات الألمانية، حيث يعتمد التأثير على كيفية استخدامك لوسائل التواصل الاجتماعي. فقبل بضع سنوات، تم التحقيق في استخدام طلاب الجامعات الألمانية لوسائل التواصل الاجتماعي. وأظهرت الدراسة – مثل الآخرين – أن ما يقرب من ثلث الطلاب شعروا بقدر أكبر من عدم الرضا عن حياتهم بعد زيارة الفيسبوك.

الأمر المثير للاهتمام هو وجود علاقة بين عدم الرضا المتصور وكيفية استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي.

كان عدم الرضا أكبر بين المستخدمين السلبيين. المستخدمون السلبيون هم أولئك الذين لا يفعلون شيئاً على فيسبوك. إنهم يقومون فقط بالمرور وتصفح الصفحات، وبالتالي يصبحون مجرد متفرجين على حياة الآخرين.

من ناحية أخرى، المستخدمون النشطون هم أولئك الذين يعجبون ويعلقون ويحصلون على محادثات حقيقية تجري على وسائل التواصل الاجتماعي. ولذلك فإنهم يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي بما يتماشى مع الأنشطة الاجتماعية الحية – فهم يبحثون عن الآخرين ويتواصلون معهم.

في مجموعة المستخدمين النشطين، كانت حالات عدم الرضا عن حياتهم أقل بعد زيارة الفيسبوك. مثير للاهتمام، أليس كذلك؟

ما يمكنك القيام به لوقف التآكل في احترامك لذاتك

يمكننا البدء بالنظر إلى استخدامنا لوسائل التواصل الاجتماعي والإجابة على الأسئلة التالية:

هل نحن مستخدمين سلبيين، وبالتالي مجرد متفرجين على حياة الآخرين؟

هل نحن مستخدمين نشطين؟ هل نقوم بإنشاء اتصال حقيقي مع أشخاص آخرين؟

إذا كنت في المجموعة الأولى، فهناك سبب للقلق.

توقف عن السلبية. أوقف المقارنة مع صور الآخرين اللامعة. كن أكثر وعياً باستهلاك الوسائط الخاصة بك، واكتشف ما إذا كان بإمكانك بالفعل الانتقال إلى مجموعة المستخدمين النشطين حيث تقوم باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لإنشاء اتصال حقيقي، فالاتصال الحقيقي مفيد لاحترامك لذاتك.

بالإضافة إلى ذلك، هناك شيئان يمكنك القيام بهما للحد من التأثير السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي عليك:

التخلص من إدمان التعلق، والتوقف عن متابعة كل أولئك الذين يقللون من احترامك لذاتك وصحتك العقلية العامة. ينطبق هذا على كل من Facebook وInstagram وTwitter.

مجلة قلم رصاص الثقافية

عن حسن العاصي

حسن العاصي
حسن العاصي، إعلامي وكاتب وباحث وصحفي فلسطيني مقيم في الدنمارك، ماجستير في الإعلام والصحافة، باحث دكتوراه في الإعلام، عضو في اتحاد الصحفيين الدانمركيين، عضو الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين، عضو نقابة الصحفيين الفلسطينيين، عضو اتحاد كتاب الإنترنت العرب، عضو جمعية الصداقة الفلسطينية الدانماركية، عضو لجان حق العودة الفلسطينية، عضو مساهم في جمعية الصليب الأحمر الدنمركي، من أسرة تحرير مجلة الهدف الفلسطينية سابقا، عمل في راديو منظمة إدفاد الدولية لمكافحة التمييز العنصري في كوبنهاغن كمعد ومقدم برنامج متنوع، ثم عمل في تلفزيون كوبنهاجن معد برامج خاصة عن اللاجئين في الدنمارك، نشر المئات من المقالات والأبحاث السياسية والثقافية في العديد من الصحف والمجلات. ناشط سياسي وحقوقي، ساهم في تنفيذ عدد من الحملات القانونية، ومتعاون مع منظمة مساعدة اللاجئين الدنمركية كمنظمة غير حكومية في العديد من المشاريع، لديه إهتمام في نظم الشعر الحديث، أصدر أربع مجموعات بعنوان "ثرثرة فوق كانون" في العام 2008، و"خلف البياض" في العام 2013، و"أطياف تراوغ الظمأ" في العام 2016. و "امرأة من زعفران" في العام 2017.

شاهد أيضاً

الكتابة ضد السجن والرصاص.. من طه حسين إلى بختي بن عودة

بقدر ما كان القرن العشرين قرن النهضة الأدبية والفكرية والدينية في حياتنا العربية الحديثة، ازدهرت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *