ثعبان

أسماء فيصل عواد  |  

كان لدي ثعبان طويل لم أحبه يوماً، أصرت أمي على أن أقتنيه في فترة قوتها وسطوتها اللتين ذوبهما الزمن ومرض السكري؛هي من كانت تعتني بهذا الثعبان، تغسله وتسرحه وتمسجه بالزيت وتقلم أظافره، أنا لا أهذي فقد كان له أظافر!

كم تمنيت لو كان ثعباني كثعابين زميلاتي في المدرسة، بطول مناسب يمكنني من فك وثاقه تحت شمس الظهيرة وقت فرصة الفطور، لم أفعل ذلك ﻷني كنت سأبدو كالساحرة وأنا أحاول لملمة تبعثره وهو سجيني المكبل.

  فاتحت أمي مراراً  كي أتخلص منه وكان ردها الرفض دائمًا، بل وتطور معها الأمر لمرحلة إجباري على وضعه بصندوق كي لا يراه الناس فيفتنهم!

ثعبان بطول 120 سم سيفتن من يا أمي سوى صانع أحذية؟!

اعتدته أن ينام تحت قميصي، ولكن لا مجال لمواراته فهو يصر على كشف نفسه كسلسلة على طول ظهري، إذا جلست عليه يشتد وتره فانتبه لرعونتي وأرخي تشنجه بتربيتة عند عقدة رأسه، في إحدى المرات صرخت زميلتي عندما رأت ذيله يرن كجرس تدلى من تحت كنزتي الصوفية.

قبل عامين أكل الحزن قلبي على حالي حين اكتشفت أني مغفلة في الثلاثين من عمرها؛ لم أجد سوى ثعباني ﻷؤذيه، بترت ذيله بل وصممت أذناي عن نحيبه، وحين تكور أمامي أخذت أبكي وأحاول إلصاقه ولكنه جثة هامدة.

لم يعد مني هذه الحقيقة الجديدة التي علي أن أعتادها.

–  كان طويلاً ولا فائدة منه، هكذا ردت أمي وقلبها يتقطع على ربيبها حين علمت ما صار إليه الأمر.

قبل عامين حين بترت ذيل ثعباني أضحت أمي سيدة كبيرة بالعمر وأنا كنت بشعر قصير بل قصير جدًا.

قاصة فلسطينية ـ ترمسعيا | خاص موقع قلم رصاص

عن قلم رصاص

قلم رصاص

شاهد أيضاً

في حضرة الغياب

وحدهم أولئك الذين يتقنون فن الغياب قد فهموا لعبة الحياة، فلا تنفك هي تبحث عنهم …