آخر المقالات
الرئيسية » رصاص خشن » رواية “ذاكر عالقة”: حبكة هادئة

رواية “ذاكر عالقة”: حبكة هادئة

عامر العبود  |  

الصحفي “هشام الرايس” هو الراوي لأحداث من الذاكرة بين الواقع والخيال، وهذا “التذكّر” هو مفتاح رواية “ذاكرة عالقة” للكاتب الجزائري حسان أحمد شكاط (دار الأوطان_الجزائر2016) عبر خمسة فصول نعبر مع شخصية الصحفي ذاك إلى عالمه المتخيل، حيث يعاني من مشكلة نفسية، تسبب له بعض التخيلات والأوهام، فهو يرى شخصاً هلامياً، يظهر ويختفي بسرعة، لكن هذا الهلامي يفتح أبواباً نصف مقفلة في ذاكرة هشام، فيستعيد قصصاً من مراحل عمرية مختلفة، أغلبها قصص عنيفة، فيها الانتحار والقتل.

الحدث الراهن في الرواية، هو محاولة رصد مباشر للتوترات التي يشهدها العمل الصحفي، والوسط الثقافي عموماً، خاصة الصدامات بين المثقفين، ورعاة العمل الثقافي، والعلاقات التي تنشأ بين العاملين في الشؤون الأدبية، وربما استخدم الرمز للإشارة إلى واقع الأديب في أحد مشاهد الرواية، عندما يقع الروائي المبتدئ “عبد الحفيظ المحواج” في حب صاحبة دار النشر اللعوب، لكنها تتخلى عنه لاحقاً، للتزوج من إعلامي لبناني مرموق، وتتركه في حالة مزرية، كما أن لها تاريخاً حافلاً بالهجر.

للمكان حصة كبيرة من الوصف في هذا العمل، حيث يصف الكاتب المدن الجزائرية بطريقة خاصة، دون تكلف. كما تميز السرد ببساطة محببة، ولم يتجاوز عدد الشخصيات الحية الخمس شخصيات، إضافة إلى عدد من الشخصيات التي يستحضرها بطل الرواية من ذاكرته.

 يمتلك الكاتب قدرة مميزة على “الانتقال السلس” بين زمن وآخر،من خلال حبكة هادئة، تسيرعلى ايقاع موحد، لكن هذه “البساطة” سيف ذو حدين، تضع القارئ في حيرة من أمره، فالنص ليس مملاً، بل يسير ببساطة ممتعة، وكأنه محسوب بالكلمة، دون أن يدخل في الاسترسال بهدف زيادة عدد الصفحات كما يفعل البعض، حتى أن القارئ يتمنى لو أن بعض المشاهد والصور في الرواية أخذت حيزاً أكبر، لكن النص في نفس الوقت، لا يسمح باتخاذ موقف حاسم منه، حيث يتكون من ومضات في الذاكرة، وقصص متعددة، غير متصلة ببعضها، لكنها تنبع وتصب في  ذاكرة عالقة، تؤرق صاحبها، لكنها في النهاية لا تترك الأثر الذي يتوقعه القارئ في بداية الرواية، هذه الحيرة التي يولدها النص لدى القارئ، تجعلنا نترقب عمل شكاط القادم، الذي لا بد أن يكون مختلفاً في بنيته، وأكثر عمقاً، خاصة بعد أن وعد الروائي ضمن لقاء له مع صحيفة الشعب الجزائرية بتقديم رواية أكثر نضجاً.

كاتب سوري | خاص موقع قلم رصاص

عن قلم رصاص

قلم رصاص

شاهد أيضاً

مصلوبٌ على باب الرقة

(1) في بلدتي يأتيكَ بالأخبار بائعُ الأحلامِ  والمناجلِ وسكَّاراتُ البليخ والحطّابات وتُشنقُ الطفولةُ دون أنْ …