آخر المقالات
الرئيسية » رصاص حي » حول بركة الدم
لوحة للفنان Sam Weber

حول بركة الدم

فؤاد-ديب-موقع-قلم-رصاص-660x330
                            فؤاد ديب

فؤاد ديب  |

“أتعلمين ما هو الوطن يا صفية… الوطن هو ألا يحدث كل ذلك…” وكأن غسان كنفاني يقف على شرفة عليائه ويلتفت إلى لميس قارئاً لها هذه الجملة من رواية عائد إلى حيفا…..

نعترف نحن الفلسطينيين البسطاء بأننا نحن الوطن ومن المجحف أن يحدث لنا كل هذا الدمار وأن يسيل كل هذا الدم من جراح الجسد الفلسطيني المشرعة أبوابه للألم الأزلي .. هذه الأجساد التي تكاد حين تتكئ على ظلها أن تهوي من شدة الجوع ، فالفلسطيني هو حلقة الدم الأضعف التي ما فتئ الجميع يهتكون رنين لجوئها فحين تواجهك المعارضة فأنت متهم بأنك مع النظام وأنت أحد أفراد الجيوش الجرارة لأحمد جبريل وحين  يواجهك النظام بتهمة فهي أنك أكلت من الصحن وبصقت فيه وبين هذا وذاك يقف الفلسطيني حائرا ماذا يفعل؟؟

هذا الفلسطيني البسيط الذي تخلت عنه الدنيا وقت كانت سورية معافاة والتنظيم الذي كان عدد أعضائه لا يتجاوز الخمسة في كل مخيم وكان يشكوا من ضائقة مالية، فجأة فتحت خزائن كنوز سليمانه وأصبح يمتلك العشرات إن لم نقل المئات من المقاتلين الشهداء سلفاً ﻷنهم لم يتلقوا أي تدريب عسكري وما على الفلسطيني سوى أن يلتحق بهذه الجهة أو تلك كي تطلق عليه العبارات المعلبة والجاهزة، هذا الفلسطيني الذي لم يتعظ من تجارب الماضي في كل اﻷحداث العربية في  القرن المنصرم، ولم يجد من يعظه فالمثقف الفلسطيني  استمرء حالة السكوت التي أخذت من قلمه مأخذها فلم يعد له أي صلاحية وترك موقعه لمثقفي هذا الفصيل أو ذلك، ذاك يحرضه وهو بعيد وهذا يزج به في معركة خاسرة و فوق ذلك قام المثقف الفلسطيني بأنشطة مريبة يكاد حاضرها أن يقوم ويرتدي اللباس العسكري ويطلب السلاح كي يكون في أول الصفوف على هذا الطرف أو ذاك، هكذا نفض الصامتون دهرا غبار تكلسهم وراء مكاتبهم منذ ما يزيد عن أربعين عاماً عن خطاباتهم كي يتحفوا الفلسطيني والسوري على حد سواء بتحليلاتهم وبطولاتهم الخلبية وأنشطتهم الثقافية التي نامت دهرا واستفاقت فجأة، كأسماك القرش حين تشتم رائحة الدم فتتجه نحوه وتتكاثر حول بركة الدم تولغ فيها وتزداد سمنة وموميائية، فلا تصدق أيها الفلسطيني أو السوري أن من بقي في اتحاد الكتاب أربعين عاماً وراء مكتب متهالك وباب مفاصله صدئة سيكون أميناً على دمكما ولابد أنه آخذ صفات أثاث المكان وستسمع صرير كلماته كلما فتح دفتره وتساقطت منه نثارات صفراء.

شاعر وصحفي فلسطيني سوري ـ ألمانيا |  خاص موقع قلم رصاص

عن قلم رصاص

قلم رصاص

شاهد أيضاً

مصلوبٌ على باب الرقة

(1) في بلدتي يأتيكَ بالأخبار بائعُ الأحلامِ  والمناجلِ وسكَّاراتُ البليخ والحطّابات وتُشنقُ الطفولةُ دون أنْ …