الرئيسية » نصـوص » ندم الله
الشاعر نزيه أبو عفش

ندم الله

نزيه أبو عفش  |  

أغمضْ عينيك… ؛ القصيدةُ مرئيَّةْ:

روحُ الأرضِ الحكيمةِ التي تستيقظُ مع كلِّ طعنةِ فأسٍ في الترابْ.

أعشابٌ كريمةٌ تنقشُ على الهواءِ سيرةَ عدمٍ كونيٍّ

*

أزلٌّ يتنفَّس.

دمٌ أخضرْ.

جمالٌ أوجعُ من الذَّبحْ: (أُنظر إلى الوردةْ).

أغمضْ عينيكْ:

كلُّها تقول: ما فعلتُهُ حسنٌ وكريمْ…

الجمالُ أخلدُ من العقلْ.

امْشِ على مهلْ…

***

أرى الشبهَ ما بين

ما بين حبَّة قمحٍ ومسيحْ.

*

ما نطقتْ به الآلهةُ

: الحياةُ صنيعةُ ضجرِ الله.

امْشِ على مهلْ…

كلُّ ما هو حيٌّ وجميل… وريثُ موتى.

إنما يخرجُ من رحمِ موتْ:

يحيَوْن على هدايا موتِهم.

الحياةُ طفلٌ أبدي… عمرُه آلافُ القرونِ وملياراتُ الموتى.

: لا تَقْسُ عليها

الأرضُ وحدها… رحمٌ لا يشيخْ.

أتنصَّتُ إلى الجَلَبةِ السرِّيةِ للكونْ:

أعشابٌ تتنفسْ…

حلازين تشهقُ في خلواتِ حبّ…

فراشاتٌ، بكاملِ قمصانِها، تستحمُّ في جداولِ نورْ.

صوتُ كريستالٍ يضحكْ…

***

الحياةُ… معجزةُ دمْ.

“الصُدْفة”:

لماذا إذنْ يصرُّ الإنسانُ على اعتبارِ نفسهِ المخلوقَ الوحيدَ الذي انفردَ باحتكارِ الفضائلِ والدياناتِ وأدواتِ صناعةِ القوةْ؟!…

: القوةُ زبدٌ أسودْ.

***

(الديدانُ لها عقائدها أيضاًُ)

: سعي إلى فطرةِ الحياةْ.

القوةُ مذكَّرةْ. السلطةُ مذكَّرةْ. الدياناتُ مذكَّرةْ. السلاحُ مذكَّرْ!…

***

صورةُ جنديٍّ ميْت… مطروحٍ على حافةِ خندقْ.

“رحماكِ ياأمِّي!”؟….

الله… ابنُ ضعفِ الإنسانْ.

موتٌ فوقَ موتْ…

الربيعُ لهاثُ موتى…

***

شجرة، عصفور، شاعر، جنديٌّ، سلحفاة، طفل، وردة، زيز، امرأة، تلميذ، عاشقة، الخ، الخ…

***

لجعلتُ كلَّ شيء مختلفاً.

منذُ ملايينِ السنين

أبداً لم يسبقْ لي أن رأيتُ معزاةً أو بقرةً أو دودةَ ربيعٍ تحملُ مسدساً، وترفعُ مشنقةً، وتبتكرُ قانوناً لإعدامِ من يكتشفُ أن لونَ السمواتِ أزرق، وأن حصَّةَ الحياةِ كافيةٌ لمن يريدُ أن يقول: “شكراً” للحياةْ.

أكثرُ الكائناتِ سذاجةً على الأرضْ:

ربما لأنه لا يعترفُ بفضيلةِ السذاجةْ.

ما أعجبَها الأرض…

أحياناً: أبشعُ مزرعةٍ لإنتاجِ الموتْ!…

احذروا…

***

دائماً هي هكذا… : عذراء

***

أنصِتوا إلى الألوانْ…

تلك رسائلُهم:

***

: ربما نحنُ أحلامُ موتانا.

ابكوا دونما ضجيج.

*

… … … … … …

كلُّ زهرةٍ صغيرةٍ تحتَها قلبٌ نائم.

: كم مليون ألفِ قلبٍ تلزمُ لصناعةِ حقلْ؟…

لزمتْ لصناعةِ كوكبْ؟!…

الحياةُ كريمةْ

يا إلهي… كم نحنُ أثرياءْ!…

كلَّ ما لا يساوي شيئاً…

لم نفعلْ شيئاً. لم نصنعْ حياةً:

***

جاءتْ من قلوبٍ وندمٍ وأحلامْ.

: السماءُ تحتَ أقدامِنا.

يؤنِّبون القصيدةَ على ضعفِها!…

***

أنتم ندمُ الله.

أيار 2000

هل اتَّسعَ له الوقتُ ليقول:

“رحماكِ ياأمِّي!”؟….

***

الله… ابنُ ضعفِ الإنسانْ.

لماذا إذن يدجِّجون خصرَهُ بكلِّ هذه الخناجرْ!…

موتٌ فوقَ موتْ…

أمواتٌ يواسون أمواتاً!!…

الربيعُ لهاثُ موتى…

الربيعُ عزاءٌ أخضرْ.

***

في كلِّ ثانيةْ… عشرةُ آلافِ شهيدْ:

شجرة، عصفور، شاعر، جنديٌّ، سلحفاة، طفل، وردة، زيز، امرأة، تلميذ، عاشقة، الخ، الخ…

!! لا أحد يقولٌ للحياة: “عفواً”.

***

لو كنتُ الله

لجعلتُ كلَّ شيء مختلفاً.

***

منذُ ملايينِ السنين

وأنا أتجوَّلُ في هذهِ الحظيرةِ الدامية… ؛

أبداً لم يسبقْ لي أن رأيتُ معزاةً أو بقرةً أو دودةَ ربيعٍ تحملُ مسدساً، وترفعُ مشنقةً، وتبتكرُ قانوناً لإعدامِ من يكتشفُ أن لونَ السمواتِ أزرق، وأن حصَّةَ الحياةِ كافيةٌ لمن يريدُ أن يقول: “شكراً” للحياةْ.

***

أكثرُ الكائناتِ سذاجةً على الأرضْ:

الإنسان.

ربما لأنه لا يعترفُ بفضيلةِ السذاجةْ.

***

ما أعجبَها الأرض…

أجملُ مقبرةٍ لإنتاجِ الحياةْ…

أحياناً: أبشعُ مزرعةٍ لإنتاجِ الموتْ!…

***

احذروا…

: الأرضُ لها روح.

***

الأرضُ أُمُّك… ؛ ادخُلْ في جوفِها.

دائماً هي هكذا… : عذراء

عذراء بلا حزامِ عفَّةْ.

***

أنصِتوا إلى رائحةِ الحَبَقْ…

أنصِتوا إلى الألوانْ…

أنصِتوا إلى وشوشةِ الأعشابْ…

تلك رسائلُهم:

الأجدادُ يتوجَّعون من الندمْ.

***

كيف لنا أن نعرفَ أيَّنا حقيقةُ الآخر؟!…

: ربما نحنُ أحلامُ موتانا.

***

ابكوا دونما ضجيج.

حتى الأعشابُ تعرفُ أن تبكي.

*

: انحنوا لدموعِ الأعشاب.

… … … … … …

: انحنوا… الأرضُ خزانةُ موتى:

كلُّ زهرةٍ صغيرةٍ تحتَها قلبٌ نائم.

: كم مليون قلبٍ تلزمُ لصناعةِ طوقِ بنفسجْ؟…

: كم مليون ألفِ قلبٍ تلزمُ لصناعةِ حقلْ؟…

: كم مليون مليون ألفِ قلب

لزمتْ لصناعةِ كوكبْ؟!…

***

الحياةُ كريمةْ

تملأ قلوبَنا بالرِّضى… وأحضانَنا بالأزهارْ.

يا إلهي… كم نحنُ أثرياءْ!…

يكفي أن نملكَ كلَّ هذا…

كلَّ ما لا يساوي شيئاً…

***

لم نفعلْ شيئاً. لم نصنعْ حياةً:

الحياةُ يرقةُ الماءِ الأزليّ.

***

صُنِعْنا من نطفةِ موتْ

جاءتْ من قلوبٍ وندمٍ وأحلامْ.

لم تُرسَم صورتُنا فوقْ…

: السماءُ تحتَ أقدامِنا.

***

يؤنِّبون القصيدةَ على ضعفِها!…

الحبُّ… على ماذا يؤنَّبْ؟!…

***

أيُّها الناس…

أنتم ندمُ الله.

*** *** ***

أيار 2000

خاص موقع قلم رصاص

عن قلم رصاص

قلم رصاص

شاهد أيضاً

زخة هايكو

حسني التهامي | مصر قطارُ السابعة على ذاتِ الرصيف صِبْيةٌ يُكملون أحلامَهمْ … في أوجّ …