آخر المقالات
الرئيسية » رصاص حي » المخرج سامر أبو ليلى إن خان تاريخ المسرح السوري!!

المخرج سامر أبو ليلى إن خان تاريخ المسرح السوري!!

نضال بشارة  |

قبل اختتام فعاليات مهرجان حمص المسرحي في دورته الثانية والعشرين الذي تنظمه نقابة الفنانين الفرعية في حمص والتي انتهت مؤخراً بعرض “خارج/داخل السر…ب” تأليف محمد الماغوط، إعداد وإخراج سامر أبو ليلى، تحدث المخرج عن صعوبات العمل في المسرح في الآونة الأخيرة وعن تشجيع محافظ حمص الأستاذ طلال البرازي له، إذ أمّن له التفرّغ من عمله الوظيفي، لصالح تقديم جهده للمسرح، وقد حضر حفل الختام، مهنئاً له ولكامل فريق العمل بعد انتهاء العرض. وأشار أبو ليلى إلى أننا بحمص بخير وليس ثمة شروخات بين أطياف المجتمع في حمص وأنه استطاع في خلال سنة ونصف أن يؤكد ذلك من خلال الدورات التدريبية التي بدأها للممثلين في المركز الثقافي، إذ استقطب ذلك شباباً من كل أطياف المدينة وريفها، وهو بهذا يعيد الفضل للعمل المسرحي.

الممثل والمخرج سامر أبو ليلى
الممثل والمخرج سامر أبو ليلى

وأضاف أن لا تصدقوا الإعلام فنحن بخير، وعملنا يثبت ذلك وأننا بحمص نتعاون مع بعضنا دون تفرقة. ثم قدّمت الفرقة عرضها المسرحي. ولأن كلام المخرج فيه ما فيه من الدقة ولكن فيه أيضاً تجاوز لحقائق يفترض من مسرحي يعترف بجهد الآخرين أن لا يرتكبها! ولذلك ليسمح لنا أن نقول ما يلي: كنا أولاً ننتظر من المخرج الذي أهدى المسرحية التي قدّمها العام المنصرم ضمن فعاليات المهرجان ذاته إلى أستاذه المخرج  زهير العمر صاحب فرقة “الساجر” التي كانت تعمل تحت مظلة نقابة الفنانين الفرعية في حمص والذي خرج أبو ليلى من معطفها، وتوقفت عن العطاء، كنا ننتظر بعد لفتة الحق تلك، أن يعترف بجهد آخرين، في مدينة حمص، أي أن يشير إلى جهد أعضاء فرقة “اتحاد عمال حمص” التي بدأ بالإخراج لها بهذا العرض، بعد أن توقفت أعمالها نتيجة الحرب، وتفرق أغلب عناصرها، وهي المؤسسةُ العام 1973 على يد الكاتب والمخرج فرحان بلبل الذي كان حاضراً في الصالة مع بعض عناصرها، والذي بتأسيسه لهذه الفرقة أصبح فيما بعد ثمة فرق مسرحية لاتحادات العمال في بعض المحافظات، وصار لتلك الفرق مهرجانها، الذي عاد أبو ليلى وفرقة “اتحاد عمال حمص” مؤخراً من المشاركة فيه في دمشق بالتزامن مع فعاليات مهرجان حمص المسرحي.

ولذلك لا ندري كيف غابت تحية فريق “الفرقة السابق” عن ذهن صديقنا الممثل والمخرج أبو ليلى، وهي فرقة في سجلها عشرات المسرحيات ومئات العروض، ومخرجون أخرجوا للفرقة عروضها، ففرحان بلبل لم يحتكر الإخراج لنفسه، واستعان بنصوص كتاب من حمص، ومن أقطار عربية أخرى، وأعدّ لها عروضاً عن مسرحيات مترجمة، ومسرحياته توجهت للكبار، وكانت من الأوائل في تقديم المسرحيات الموجهة للمتفرج الصغير؟! هذه الفرقة التي لها فضل على تاريخ المسرح في حمص وسورية بآن واحد، لا يمكن تغييب نشاطها، وهي التي لها فضل كبير على الحركة المسرحية في البلد، مهما تعددت الملاحظات عليها، وقد أشاد بها نقاد ومسرحيون، وعمل تحت مظلتها ممثلون كثر في حمص، دون أن يكونوا أعضاء فيها أو استمروا في عضويتها.

الكاتب والمخرج فرحان بلبل
الكاتب والمخرج فرحان بلبل

فحتى العرض الذي قدّمه المخرج أبو ليلى يشي بأنه استفاد من تاريخ هذه الفرقة، فشخصية “آذن المسرح” في مسرحيته بكل هواجسها مهما تعددت واختلفت، هي ذاتها شخصية  “آذن المسرح” في مسرحية “الممثلون يتراشقون الحجارة” تأليف وإخراج فرحان بلبل! – بما أننا نجهل أصل مسرحية الماغوط – ومسرحية “الممثلون….” قدمتها الفرقة مرات عدة كان آخرها العام 1999 كاستعادة من برنامج عروضها، ثم أعاد تقديمها أحد أعضاء الفرقة السابقين، لصالح فرقة اتحاد شبيبة الثورة بحمص العام 2001 وهو الممثل والمخرج أحمد منصور. ولا نعتقد بأن المخرج أبو ليلى لم يشاهد العرضين في فعاليات مهرجان حمص المسرحي. والمسرحية مطبوعة منذ العام 1975، وفق ما جاء في مجلد الأعمال الكاملة للكاتب بلبل، وهي قائمة على تقنية المسرح داخل المسرح، كما جاءت عليه “خارج/ داخل السر…ب”، وهذا يعني أن أول عرض للمخرج  “أبو ليلى” جاء بشكل أو بآخر بتأثير من تاريخ من سبقه في تأسيس وإدارة هذه الفرقة.

وعلى الرغم من ما سلف، وفي ضوء ما نعرفه عن المخرج أبو ليلى، نقول إنه قد يكون ارتكب تلك الهفوة سهواً، وأننا سنشهد تعديلاً لهذا الموقف بطريقة ما، على الأقل لنستطيع تقبّل ما قدّمه في مسرحيته إذ كان قد عرض علينا فيها أن ثمة مؤامرة على بناء المسرح الذي تعمل فيه الفرقة، وهي مؤامرة دولية، وهنا بناء المسرح معادل رمزي للوطن! وإن كنا لا نتفق مع المخرج كثيراً في توجهه، الذي لا يختلف عمّا قدمه الإعلام لنا، لاسيما وأنه طالبنا بعدم تصديق الإعلام، خلال كلمته السالفة الذكر، فتلك ليست الأسباب وحدها إذ ثمة تربة لكن ليست تلك التي يتحدثون عنها في الإعلام من أنها حاضنة للإرهاب، لا، فنحن الذين نشتغل في الثقافة يجب أن نقرّ بأن تقصير المؤسسات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية والدينية عن أداء مهامها، كما يجب هو من فسح لهذه المؤامرة أن تجد تربة خصبة لها، وهذا ما بدأت بعض الندوات التي تقام هنا وهناك تشير إليه.  فما فعله المخرج من تغييب لتاريخ فرقة ” اتحاد عمال حمص” هو محاولة البناء من جديد دون النظر إلى ما قد بنته مجموعة، هو وفريقه زملاء لهم لا العكس، أي كأنه هدم ذلك البناء، فكيف سنقتنع منه كمشاهدين بما قدمه لنا من خطاب في مسرحيته؟ ثم إن الإنتاج الثقافي كان ثرياً قبل الحرب، ومنه المسرحي، فلماذا لم يحافظ على وحدة النسيج الاجتماعي ولم يحصننا من نزاعات مؤقتة أخذت طابعاً استنكرناه جميعنا.

كما أننا لا نتفق مع المخرج “أبو ليلى” في ادّعائه أن الدورات التدريبية هي التي برهنت على وحدة النسيج الاجتماعي في حمص، على الرغم من أهمية تلك الدورات وضرورتها، فما أثبت وحدة النسيج الاجتماعي بحمص بكافة أطيافه هو ” السوق” الذي لا يزال يمارس نشاطه في حي ” كرم الشامي” بمعنى أن الاقتصاد هو الذي شدّ أزر شرائح المجتمع على الرغم من كل الأهوال التي تحدث فيه، فهل سمعتم عن حادثة واحدة في ذلك الحي تعبّر عن أية شروخات اجتماعية، وكان الحمامصة ـ ومازلوا ـ يلتقون بهذا السوق من قبل أن تخرج المجموعات المسلحة من حمص القديمة، ما يعني أن لا شيء يعيد لحمص معظم حيويتها سوى اقتصادها، أسواقها القديمة والحديثة، ومكاتب المهندسين والمحامين وعيادات الأطباء والتجار لوسط المدينة. فلا ندعي نحن أهل الثقافة أن بقدرتنا أن نفعل شيئاً، أكثر من مخاطبة الناس ودعوتهم للسمّو بأفعالهم، خصوصاً أننا نتوجه في الأغلب الأعم في خطابنا ومنتجنا الثقافي لأنفسنا فقط، وفي هذه المسألة  مقتل هذا المنتج! فهل نصحو على حجمنا الطبيعي كي نكون مفيدين لمجتمعنا ولأنفسنا؟

كاتب وشاعر سوري ـ حمص | خاص موقع قلم رصاص

عن قلم رصاص

قلم رصاص

شاهد أيضاً

مصلوبٌ على باب الرقة

(1) في بلدتي يأتيكَ بالأخبار بائعُ الأحلامِ  والمناجلِ وسكَّاراتُ البليخ والحطّابات وتُشنقُ الطفولةُ دون أنْ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *