الرئيسية » رصاص حي » استجداء المناصب التنفيذية!!

استجداء المناصب التنفيذية!!

حميد طولست  |

طبيعي في عرفنا الانتخابي، كما في في جل البلاد العربية، أن يتوسل من هب وذب من المرشحين للمحيطين به وينزل لمستويات عامتهم حتى اخفضهم مرتبة وأوضعهم مكانة، من حتالة قومه بما فيهم “ولاد الزنقة” والشمكارة والمتسكعين والسكارى والداعرين، الذين يقابلون إستجداءه لأصواتهم التي ينال بها مبتغاه من المال والسلطة، ويحصل عن طريقها على ما يريده من مناصب وجاه، بــ الفشوش” والممانعة، لأنهم يعرفون أن سرعان ما سيتنكر لهم بعد الحصول على مبتغاه، ويغيب عنهم، ويقفل ابوابه دونهم، ويغير سكناه وأرقام هواتفه، حتى لا يتمكنوا من الاتصال به.
لكنه من غير الطبيعي ولا المنطقي، والذي ما كنت أتصور أن يحدث بين السياسين الذين يحترمون أنفسهم وناخبيهم، ولا يرضون أن يسلكوا نفس القاعدة السيئة الموروثة، التي يلجأ إليها غيرهم من مرتزقة الاستوزار، من استجداء المناصب التنفيذية، بالتنازل عن كرامة نخوة السياسيين، السلوك الذي لا يشذ عنه -في عالمنا هذا الذي إمحت منه القناعة وغمرته المصالح الدنيوية المشبعة بغريزة شبقة لحب الحياة وما تعح به من متاع وغرور- غير سياسيي البلاد المتقدمة، الذين قلما يلدأ الواحد منهم لاستجداء عون أو دعم احد طلبا في الاستوزار، لأنهم هناك في الضفة الأخرى، على يقين تام بأن الكفاءة والتجربة والمستوى العلمي والثقافي والإلمام بأحوال الوطن والشعب الاجتماعية والاقتصادية والحضارية والتاريخية، هي وحدها المعيار الذي يُمكن الشخص، أي شخص، من تبوء منصب مهما سما، وليس الحسب والنسب والانتماء للحزب أو العشيرة، و”باك صاحبي”.
لاشك أن هذه الطينة من الوزراء، هي التي يبحث الناس عهنا وعن أمثالهن، خدمة للمواطن ورقي الوطن، لأنها تؤمن كلها، أو أكثيرتها على الأقل، أنها إذا قدر ولم تمنح فرصة الإصلاح في منصبها الجديد –وهذا مستحيل- أو وجدت نفسها غير قادر على اداء دورها في خدمة وطنها ومواطنيها –وهذا جد ممكن- فإنها تترك الوزارة، بكل سهولة وتواضع ودون تردد للأكفأ والأجدر، الذي يستطيع تقديم خدمة أكبر وأفضل لوطنه وأبناء بلده، لأنهم هناك أكبر من المناصب والكراسي، ولا يقبلون أن يكونوا على هامش المناصب، فإما أن يكونوا وزراء، أو لا يكونوها بالمرة، لأن قيمة الوزير عندهم لا يمكن تقاس الا من خلال عطاءاته المجدية، ومواقفه الإنسانية الحقيقية التي تبقى خالدة في ضمائر الناس، بعيدا عن كل حسابات المصالح والكراسي والمناصب التي لا تدوم لأحد، والتي يتهافت عليها عامة سياسيينا لغايات شخصية – كما شاهدنا ذلك خلال تشكيل الحكومة، سواء مع السي بنكيران أو السي العثماني – ما أفقد المواطن المغربي الثقة بطبقته السياسية والتنفيذيه ..
وإني هنا لا أعمم، وذلك لأنه رغم أن الكثير ممن استوزروا في حكومة السيد العثماني، وما سبقها، بطريقة ” الرغيب والسعايا”غير المشرفة، فإنني على ثقة من وجود وزراء أخرين، بقيم أخلاقية عالية سوف ينعشون آمال الناس، ويبرهنون بأن الخير باق في سياسينا بقاء الليل والنهار، رغم تصدي بعض المتخلفين لهم، لأنهم ليسوا “لحاسي الكابا”..

كاتب وصحفي مغربي | المثقف

عن قلم رصاص

قلم رصاص

شاهد أيضاً

متعبون من فرط النوم.. راقصٌ على إيقاع الغياب.. ضياع أنت يا صوت القصب

وحدكَ تدْقُّ الأرضَ عصاك مغشيّاً على وضحِ المدى   لا رفيقٌ يردِّدُ معك شعارَ الجلسةِ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *