توفي الأديب والكاتب الصحفي السوري محمد جاسم الحميدي بعد صراع مع المرض، ولد الحميدي في مدينة الرقة عام 1954م، ودرس فيها، ثم أكمل دراسته الجامعية وتخرج من كلية الآداب قسم اللغة العربية في جامعة دمشق، نشأ الحميدي في بيت ثقافي وتأثر بأخويه الراحلين القاص والأديب خليل جاسم الحميدي والدكتور أحمد جاسم الحميدي، وكان مع بعض الأصدقاء من رواد ثورة الحرف لكنه اتجه أكثر نحو توثيق الحكايا الشعبية والكتابة الصحفية، لكنه لم يهمل كتابة القصة، عمل في جريدة الثورة في دمشق قبل أن يرجع إلى الرقة ويستقر فيها مديراً لمكتب جريدة الثورة، ثم تولى إدارة مكتب جريدة الفرات المحلية حين أحدثت إضافة إلى جريدة الثورة، وترأس اللجنة الإعلامية في المحافظة لسنوات، فاز برئاسة اتحاد الكتاب العرب فرع الرقة في دورته الأخيرة لكنه استثني بأمر من القيادة القطرية لحزب البعث لأنه ليس بعثي رغم أنه لم ينتسب لأي حزب سياسي آخر ولم يمارس أي نشاط سياسي، وعُين أميناً لسر الاتحاد. وهو عضو في اتحاد الكتاب العرب جمعية الدراسات والبحوث.
تأثر الحميدي كثيراً بما جرى لمدينته الرقة التي رفض أن يغادرها بعد أن سقطت بيد جبهة النصرة وكتائب أحرار الشام الإسلامية عام 2013، حاولت أكثر من جهة استمالته للكتابة في الصحف والمجلات التي تصدر في تركيا بتمويل خارجي لكنه رفض الانخراط في أي مشاريع سياسية وبقي وفياً لأدبه وفكره ومدينته، كان الحميدي مولعاً بالتراث والآثار ولعاً شديداً ويعرف المقرببن منه أنه لم يترك شبراً في البادية السورية إلا وزاره واستكشفه نزل في العديد من المغاور والحفر الجوفية والكهوف ومشى في أعمق الأودية رغم تقدمه بالسن إلا أنه كان ينبض بالشباب والحيوية، كان يقوم بشكل شهري برحلة استكشافية في عمق البادية السورية من الرقة إلى دير الزور إلى حمص وحماه والسلمية وحلب لاستطلاع المناطق الأثرية والأوابد التاريخية وتوثيق ما لم يوثق منها وتسليط الضوء على غنى الحضارة السورية.
كُرم الحميدي في مدينته بجائزة (الإبداع والوفاء لمدينة الرقة) للعام 2010، وكُرمته محافظة الرقة أيضاً غير مرة بمناسبة عيد الصحفيين وافتتاح الموقع الإلكتروني الرسمي للمحافظة. وفاز بجائزة البتاني للقصة القصيرة، وكان له العديد من المشاركات في أمسيات قصصية في محافظة الرقة وبقية المحافظات، وأجرى العديد من الحوارات الثقافية مع شخصيات وقامات أدبية إضافة إلى ترأسه معظم اللجان الإعلامية التي كانت تتابع المهرجانات الثقافية العربية والدولية التي كانت تُقام في الرقة.
اضطر الحميدي لإحراق كل مخطوطاته وكتبه إضافة إلى مكتبته حاله حال معظم مثقفي الرقة بعد سيطرة تنظيم داعش على الرقة عام 2014، وبقي في الرقة إلى بداية عام 2015 ثم انتقل للسكن في مدينة حماه، تعرض للخطف والسرقة من قبل مجموعة لصوص مسلحين أثناء زيارته لمدينة دمشق لتسيير أوراق تقاعده من العمل في جريدة الثورة، وأصيب بوعكة صحية إثر عملية الخطف التي تعرض لها قبل أشهر وتوفي يوم 26/7/2016 في مدينة حماه ودُفن فيها.
من مؤلفاته:
ـ الحكاية الشعبية الفراتية الجزء 1
ـ الحكاية الشعبية الفراتية الجزء 2
ـ رواية شمس الدين
ـ تحقيق كتاب الجراثيم لابن قتيبة
ـ كتاب نحكي ألا نّام..توثيق لأساطير وحكايات شعبية.
ـ كتاب التطور اللغة العربية والأخطاء الشائعة.
ـ كتاب الرواية ما فوق الواقع، بحث في تأصيل الخطاب الروائي العربي، كتاب مشترك مع الدكتور الراحل أحمد جاسم الحميدي.
ـ القاشور..مجموعة قصصية.
ـ ترك أكثر من مخطوط لمجموعات قصصية لم تمكنه الظروف من طباعتها.
ـ ترك مخطوط لرواية بعنوان: ملحمة الثعالب في وزارة الثقافة السورية ـ هيئة الكتاب وتم منعها من الطباعة والتداول.
ـ كتب ونشر العديد من المقالات والتحقيقات الصحفية في مجالات الثقافة والسياحة والتراث في صحف ومجلات سورية وعربية.
رغم كل ما تعرض له الحميدي مؤخراً والظروف الصعبة التي مر بها، إلا أن حاله لم تختلف عن حال أي مبدع سوري حقيقي، لذلك رحل الحميدي بصمت وفي ظل غياب وتجاهل من الجهات الرسمية السورية الإعلامية والثقافية لوضعه الصحي الطارئ الذي ألم به، وفي يوم رحيله الذي غاب عنه الأحبة والأصدقاء ونعوه من منافيهم، لم يكلف القائمين على اتحاد الكتاب فرع الرقة أنفسهم عناء الاتصال والاطمئنان عليه أو التعزية بوفاته، ولم تُكلف الصحف الرسمية السورية ـ التي عمل فيها الحميدي منذ عقود وحتى أيامه الأخيرة ـ نفسها نشر خبر وفاته.
رئيس تحرير موقع قلم رصاص