الرئيسية » رصاص ميت » وفاة الفنان إسماعيل العجيلي عن عمر ناهز 76 عاماً

وفاة الفنان إسماعيل العجيلي عن عمر ناهز 76 عاماً

توفي الفنان إسماعيل العجيلي رئيس فرع نقابة الفنانين في المنطقة الشرقية، ومؤسس ومدرب فرقة الرقة للفنون الشعبية عن عمر ناهز 76 عاماً، ظل مخلصاً خلالها للتراث الرَّقّي الذي نقله إلى مختلف عواصم العالم من خلال فرقة الفنون الشعبية التي كرس حياته بكل ما تعنيه الكلمة لها. 

عُرف إسماعيل العجيلي عبر الفرقة التي أدارها بإحساس فنان ووله عاشق فحققت إنجازات عديدة ونالت جوائز مرموقة، كما عُرفت به فقد ارتبطا لبضعة عقود لم يتوقف العطاء فيها وإن مرت بكبوات خلال مسيرتها الطويلة لكنها كانت تنهض في كل مرة، لذا هما كتوأمين سياميين لا يمكن فصلهما وذكر أحدهما بمعزل عن الآخر، وقد عاشا معاً، ولا أدري ما سيكون حالها بعد ترجل فارسها.

أستطاع إسماعيل العجيلي الذي يمكن أن أصفه بـ”الرجل الذي عاش لفنه فقط” أن ينهض بفرقة للفنون الشعبية في الرَّقَّة عندما لم تكن أكثر من بلدة صغيرة وسط بيئة قبلية وعشائرية شبه بدوية ونصف حضرية، وهذه الاستمرارية تعتبر بحد ذاتها إنجازاً له، ناهيك عن المسافات التي قلصتها بين الرَّقَّة ومدن أخرى كانت أكثر شهرة وحضوراً على مختلف الصعد.

هي الفرقة التي قال عنها الأديب الراحل الدكتور عبد السلام العجيلي: “لم يضع أفرادها في بالهم أن يحترفوا الفن، أتوا من مدارسهم مدفوعين بحبهم للموسيقى والرقص والغناء، لتابعوا تمارينهم القاسية والمستمرة بإدارة هذا الفنان العصامي المبتل في محراب الفن، إسماعيل العجيلي، وليستمروا في أداء أدوارهم في الفرقة، طالما ظلّوا في عمر الشبيبة، وعمر الشبيبة الذي أعنيه هو الأعوام الأخيرة من الدراسة الثانوية، والأولى من الدراسة الجامعية.
بعد هذا العمر ينصرف كل منهم إلى مشاغل حياة تبعده عن فرقته، ليحل محله ومحل زملائه شبيبيون آخرون جدد. هم كذلك هواة، ليس في بالهم نيّة الاحتراف. وارتباط الفرقة بالموروث الشعبي، هو الذي أعطاها قيمتها وتميزها”.

تأسست فرقة الرقة للفنون الشعبية في أواخر ستينيات القرن المنصرم. تحديداً في العام الذي تأسست فيه فرقة كركلا اللبنانية، على يد الموسيقار اللبناني عبد الحليم كركلا عام 1968. تخصصت فرقة الرقة بالتراث الشعبي، توالت نجاحاتها، وذاع صيتها. تخطت خارطة الوطن العربي. مخرت عباب البحر الأبيض المتوسط وصولاً إلى القارة الأوروبية. عرضت أْعمالها على مسارح لندن وباريس وايطاليا وبلجيكا والبرتغال واليونان… حصدت المركز الأول في باريس عام 1986 عن عملها «برج عليا»، ونالت الوشاح الذهبي بمنافسة 76 فرقة عالمية.

اكتسبت الفرقة خلال ثلاثة عقود شهرة واسعة وارتبط اسمها بشخصيات هامة أمثال الفنان نوري اسكندر والملحن العربي زكي ناصيف، الذي لحن أغلب أغاني الفرقة، والملحن شربل روحانا، والأديب عبد السلام العجيلي والشاعر طلال حيدر والباحث والشاعر الأستاذ محمود ذخيرة الذي كتب للفرقة عدداً من أشهر عروضها الغنائية.

أذكر أني كتبت مقالاً انتقدت فيه إسقاط الفرقة من كتيب لها اسم الشاعر الراحل محمود الذخيرة كأحد أبرز من كتبوا الأشعار للفرقة، وقد غضب مني إثر ذلك، ولم تكن بيننا معرفة شخصية، وكنت ذات مساء أقف والشاعر الراحل شلاش الحسن وصديق آخر، وإذ به يخرج من مقر الفرقة، فسأله أبو وشاح بغرض استفزازه عن المقال المنشور في صحيفة الفرات آنذاك، فسارع للتعبير عن غضبه وتناولني بالحديث بلا هوادة، وأبو وشاح رحمه الله ينظر إلي ويبتسم، وافترقنا دون أن يعرف أني كاتب المقال.

ثم التقينا لاحقاً بعيداً عن الرَّقَّة وتحدثنا عن ذلك مطولاً، وضحكنا ونحن نسترجع تفاصيل تلك الحادثة، يحمل إسماعيل العجيلي (رحمه الله) قلباً أبيض، فتراه يبتسم فجأة في أوج غضبه وانفعاله، وقد توقف قلبه اليوم وغاب عنا، لكنه سيظل حاضراً بفنه وإخلاصه لتراث الرَّقَّة الذي حمله على ظهره في حله وترحاله.

إسماعيل العجيلي مواليد مدينة الرقة عام 1949م، وقد كرمته وزارة الثقافة السورية في يوم الثقافة عام 2017م. 

مجلة قلم رصاص الثقافية

عن فراس الهكَّار

فراس الهكَّار

شاهد أيضاً

رحيل الباحث الآثاري الرَّقّي محمد العزو عن 75 عاماً

رحل صبيحة يوم الجمعة في عيد الأضحى الباحث الآثاري الرَّقّي محمد العزو في مدينته الرَّقَّة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *