الرئيسية » رصاص حي » سائح أمريكي يعتدي على الكاتب البلجيكي الفلسطيني محمد النجار

سائح أمريكي يعتدي على الكاتب البلجيكي الفلسطيني محمد النجار

اعتاد مجموعة من النشطاء البلجيكيين أن يعتصموا كل أسبوع في الساحة أمام مبنى البلدية وكنيسة الدم المقدس في مدينة بروج البلجيكية التاريخية (إحدى أهم الوجهات السياحية في البلاد) تضامناً مع الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة، واحتجاجاً على الصمت الرسمي على استمرار حرب الإبادة التي يتعرض لها الفلسطينيين في قطاع غزة منذ شهر أكتوبر عام 2023. 

يتجمعون أمام المبنى بحراسة الشرطة، يرفعون لافتات، ويكتبون على الأرض بالطباشير، يحاولون التذكير بأن هناك آلاف الأطفال والنساء والشيوخ يتعرضون للإبادة بأشكال وطرق مختلفة من الحصار والتجويع إلى القصف والتدمير بالأسلحة الفتاكة.

يشارك الكاتب البلجيكي من أصل فلسطيني محمد النجار (69 عاماً) وهو شخصية معروفة في المدينة، بمعظم تلك الفعاليات التي تُعنى بمأساة الشعب الفلسطيني والتي عاشها فصولها في جميع مراحل حياته، إلا أنَّ مشاركته هذه المرة لم تمض بسلام، إذ تربص به رجل في العقد الرابع وتُظهر  المعلومات الأولية أنه سائح أمريكي بدا أنه كان برفقة زوجته، ووقف في الساحة يراقب المعتصمين حتى اختار هدفه (الكاتب الفلسطيني)، وما أن غادر النجار ساحة الاعتصام برفقة صديقة له حتى فوجئ بضربة غادرة طرحته أرضاً وبعثرت نظارته وهاتفه وأوراقه الرسمية، ثم ارتمى فوقه الرجل الممتلئ، وأنهال عليه بالضرب قبل أن يستوعب ما جرى ويستجمع قواه ويحاول أن يدافع عن نفسه بيديه. 

أصيب الكاتب بأضرار جسدية (سحجات مختلفة في أنحاء جسده، وخدوش وكسر أحد أصابع يده)، وكان يمكن أن يتطور الأمر إلى أكثر من ذلك لولا تدخل الشرطة في الوقت المناسب والتي لاحقت الرجل الذي حاول الفرار من المكان قبل أن يُلقى القبض عليه. 

إثر ذلك نقلت سيارة إسعاف الكاتب إلى مستشفى مدينة بروج حيث أُجريت له فحوصات وصور أشعة، وتضميد لليد وإعادة تثبيت للكسر، قبل أن يغادر المستشفى عائداً إلى بيته. 

ما زالت دوافع الاعتداء غير واضحة (وإن كان يتعلق بالكراهية والعنصرية غالباً وذلك ربطاً بحوادث مشابهة)، بانتظار انتهاء تحقيقات الشرطة التي وجدت الرجلين لحظة وصولها بحالة اشتباك (يحاول فيها النجار الدفاع عن نفسه فيها) حين وصلت، وهذا يحتاج إلى متابعة لتحديد المسؤولية. 

تداول الخبر أصدقاء الكاتب عبر وسائل التواصل الاجتماعي مما أحدث صدمة، واستنكرت جمعيات ومنظمات بلجيكية تعنى بحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير ما تعرض له النجار الذي يحظى بشعبية واسعة في المدينة أسس لها من خلال مشاركته وحضوره الدائم في معظم الأنشطة الثقافية التي تُقام في بروج.

الجدير بالذكر أن النجار كان قد طبع ديوانه الشعري  (wanneer de vrouwen rozen, vlinders en regenbogen bloeien) يوم أمس كأول إصدار له باللغة الهولندية، وهو يستعد لإقامة حفل توقيع للديوان في أكثر من مدينة.  

أسرة تحرير مجلة قلم رصاص الثقافية تدين وتستنكر الاعتداء الهمجي الغادر الذي تعرض له الكاتب محمد النجار، وتعلن تضامنها الكامل معه.

محمد النجار: كاتب وروائي فلسطيني في عقده السابع، حلَّ وارتحلَ كثيراً منذ نعومة أظفاره، تارةً برغبته وأخرى مُرغماً، غادر للدراسة في رومانيا حاملاً فلسطين بين أضلاعه، وهناك كان النشاط الطلابي المقاوم في ذروة النضال الفلسطيني، ولم يهدأ طيلة سنوات دراسته رغم المضايقات التي تعرض لها ورفاقه، ثم عاد إلى فلسطين المحتلة وقضى مدداً مختلفة في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي، وكان ينقل من معتقل إلى آخر ليكون شاهداً آخر على مأساة الشعب الفلسطيني داخل زنازين المعتقلات الصغيرة وخلف جدران المعتقل الكبير “فلسطين المحتلة”، وفيها بدأ رحلته الإبداعية كاتباً باسم مستعار هو “عادل عمر” منذ عام 1986 وحتى عام 1992، وقد تعددت كتاباته بين القصة القصيرة والرواية، فمن مناضل في الظل (مجموعة قصصية)، إلى الظافرون بالعار (رواية)، ثم بانتظار الظلام (مجموعة قصصية)، ورحلة في شعاب الجمجمة (رواية)، وصولاً إلى الآثم والقديس (رواية)، وهي الرواية الأولى التي تصدر باسمه الحقيقي عام (2019)، ومسعدة (رواية)، فـ عشاق من زمن غابر (رواية)، وثلاثية فرسان الحلم (رواية)، والمهاجر (رواية) وجموح الفراشة (رواية) ودروب التيه (رواية)، والمختار وأنا (مجموعة قصصية)، وعندما يصير الحمار ملكاً (مجموعة قصصية) إضافة إلى مخطوطات سترى النور تباعاً، كما أنه القارئ النهم الذي يكاد الكتاب لا يفارقه.

مجلة قلم رصاص الثقافية

عن فراس الهكَّار

فراس الهكَّار
كاتب وصحافي استقصائي سوري، عمل في الصحافة السورية منذ عام 2006، نشرت مقالاته وتحقيقاته الصحفية في العديد من الصحف والمواقع الإلكترونية السورية والعربية، وتُرجم بعضها إلى اللغتين الإنكليزية والهولندية، واستخدمت كمراجع في كتب وأبحاث أكاديمية في بعض الجامعات، كما شارك في العديد من الندوات والمحاضرات حول الحرب السورية بدعوات من بعض الهيئات والجمعيات في مملكة بلجيكا، وهو ناشر ورئيس تحرير مجلة قلم رصاص الثقافية التي أُطلق عددها الأول في صيف عام 2016.

شاهد أيضاً

نعم، كنا هناك

أحياناً لا نختار أن نعود، لكن الذاكرة تفعل. تمسكنا من أطراف أرواحنا، وتشدنا نحو الأمس، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *