آخر المقالات
الرئيسية » رصاص خشن » غسّان عبد الخالق يستعيد تجربته القصصية في (لذّة السّرد)

غسّان عبد الخالق يستعيد تجربته القصصية في (لذّة السّرد)

دار فضاءات  | 

عن دار فضاءَات للنشر والتوزيع والطباعة في عمّان، صدر للقاص والناقد والأكاديمي الأردني الدكتور غسان إسماعيل عبد الخالق، كتابه الأحدث (لذّة السّرد: النصوص القصصية ومراياها)، الذي يستعيد فيه كل ما كتبه ونشره من قصص منذ عام 1984 وحتى عام 2011.

الكتاب الذي يقع في 280 صفحة من القطع المتوسط وصمّم غلافه الفنان (نضال جمهور) موشَّحًا بلوحة بديعة للفنان (صلاح شاهين)، ضمّ المجموعة القصصية الأولى لغسان عبد الخالق (نقوش البياض) التي صدرت عن دار الكرمل في عام 1992 والمجموعة القصصية الثانية (ليالي شهريار) التي صدرت عن دار الينابيع في عام 1995، وقصة طويلة أو رواية قصيرة (ما تيسّر من سيرته) نشرت في مجلّة (أفكار) الأردنية في عام 2011، وقصة مُمَسرحة (شهريار والرّاوي) نشرت في مجلة (أفكار) الأردنية عام 2000.

(لذّة السّرد) يضم أيضًا فصلاً بعنوان (مرايا نقوش البياض) يحوي أحد عشر مقالاً نقديًا نشرت في أعقاب صدور (نقوش البياض)، من منظورات متعدّدة؛ نقدية وسينمائية وأوتوبيوغرافية وسيكولوجية وسوسيولوجية وشعرية، لعدد من النقاد والمبدعين مثل: د. يحيى عبابنة، وفاء القسوس، وديع العبيدي، د. تيسير مشارقة، محمد هديب، محمد المشايخ، حسّان أبو غنيمة. وأما (مرايا ليالي شهريار) فقد ضمّ أربع مقالات نقدية نشرت في أعقاب صدور (ليالي شهريار) من منظورات نقدية وتراثية، بأقلام عدد من المبدعين والنقاد مثل: علي العامري، د. زياد أبو لبن، ياسين النصير، عبد الله رضوان.

كتاب (لذّة السّرد: النصوص القصصية ومراياها) الذي يتطلّع مؤلّفه إلى أن يكون مختبرًا للمزاوجة والمقارنة بين الفعل الإبداعي القصصي ورد الفعل النقدي في آن، قدّم له غسّان عبد الخالق بمقدّمة عنوانها (عود على بدء) واستهلها قائلاً: “لم تجر العادة بأن يتولى القاص مهمّة التقديم لقصصه، لكنني سأغامر بتقديمها، اقتناعًا مني بأن هذا النكوص يشتمل على كثير من التطهريّة الزائدة؛ فما أجمل العودة إلى القصص الأولى وما أقساها! جميلة لأنها تعيدك إلى زمن البراءة والحماسة والانطباعات الأولى في الكتابة، وقاسية لأنها تذكرك بعدد السنوات التي انقضت والتجارب المرّة التي طردت الأحاسيس البريئة. ولعلّني، ما كنت لأجرؤ على استعادة ماضيّ القصصي بعد أن أقمت في منازل النقد والنقّاد، لولا أن ثلّة من الأصدقاء والصديقات، شعراء وقصّاصين وروائيين ونقادًا، لم يتوقّفوا عن الإعراب عن عتبهم الشديد عليّ، لأنني هجرت كتابة القصة القصيرة بوجه عام، ولأنني لم أبذل ما يكفي من الجهد لإعادة طباعة مجموعتيّ القصصيتين (نقوش البياض) و(ليالي شهريار) بوجه خاص، بعد أن مرّ على طباعة الأولى 24 عامًا ومرّ على طباعة الثانية 22 عامًا، ونفدت نسخهما”.

ويتابع غسّان عبد الخالق الإفصاح عن بواعث إقدامه على استعادة تجربته القصصيّة فيقول: “وعليّ أن أعترف بأن سحابة من النشوة ما زالت تظلّلني، كلّما فاجأني أحد الأصدقاء قائلاً: أعدت قراءَة (نقوش البياض) أو (ليالي شهريار) قبل أيام، واستمتعت جدًا بقراءَتها، لكنني عاتب عليك لأنك توقفت عن كتابة القصة القصيرة. أو كلّما استوقفني كاتب أو قارئ شاب ليؤكّد لي سعادته بأنه عثر على نسخة من هذه المجموعة أو تلك في إحدى أكشاك الكتب القديمة. ولولا خشيتي من عتب الأصدقاء والصديقات، لعدّدت أسماءَهم التي لن أنساها ولأوردت أقوالهم التي قد يُعدّ بعضها ضربًا من ضروب البوح الشخصي الذي لا يحسن إفشاؤه”.

وأما بخصوص مسوّغات اكتفائه بنشر خمسة عشر مقالاً نقديًا من أصل حوالي خمسين مقالاً نشرت عن (نقوش البياض) و(ليالي شهريار) فيقول: “وقد اخترت منها خمس عشرة مقالة وأثبتّها في هذه الطبعة، لتكون مرآة ممثلة لإيقاع النقد والتلقّي الثقافي قبل عشرين عامًا، ووثيقة مفيدة للباحثين والدّارسين والنقّاد الجدد. وسوف يلاحظ القارئ المنصف الرّصين أن هذه المقالات قد اختيرت لأنها تشتمل على وجهات نظر وأطروحات متماسكة ومتنوّعة، رغم أن بعضها انطوى على انتقادات لاذعة. ولست بحاجة للقول بأنني قد استبعدت ما يقرب من خمس وثلاثين مقالة لأنها جاءَت مثقلة بالثّناء الفاقع أو بالوصف أو بالتلخيص أو بالتفسير أو بالمتابعة الإخبارية الصحفيّة التي لا طائل تحتها”.

الناشر الشاعر والروائي جهاد أبو حشيش اختار أن يوشّح الغلاف الخلفي لكتاب (لذّة السّرد) بالمقطع الأول من قصة (ليالي شهريار) على هذا النحو: “أنا شهريار،،، وقد حدث هذا قبل أن ينصّبني الناس مليكًا في الحكاية بزمن طويل؛ ما إن بلغت الثامنة عشرة، حتى أهاجت خاطري حكايا العيّارين والشطّار، فعزمت على السفر إلى دار السلام، وقد نفضت رغبتي هذه إلى أمي، فلم تشأ مخالفتي رغم حبّها لي وتعلّقها بي، فهيّأت لي حاجتي ودعت لي، ثم إني سرت أيامًا بلياليها، حتى إذا صرت على مشارف بغداد، أحاطت بي كوكبة احتملتني إلى مقدّم الجند، وإذا بي بين ليلة وضحاها، حارسًا من حراس مولانا الخليفة، أعز الله ملْكه وأيّده بنصر من عنده، فما دريت أأفرح لهذا العارض أم أحزن، إذ هو جعلني بعيدًا عن مبتغاي كلّ البعد، وأقرب إليه من حبل الوريد، وظلّ هذا دأبي حتى قضى الله فيَّ أمرًا كان مفعولاً، مما ستعلمونه من خبري، فالحمد لله الذي بيده الملْك، وهو على كل شيء قدير”.

واختار المؤلّف أن يهدي كتابه إلى الشاعر (صلاح أبو لاوي الذي ما زال يعتقد بأنني قاص موهوب)! وأردفه بمقتطفات تسلّط الضوء على تجربته القصصيّة من منظور عدد من النقاد:

  • الناقد ياسين النصير: “البناء الفني عند غسّان عبد الخالق، يعتمد الرؤية التشيخوفية، لأنه يغلِّب الأنا على البنية، فتصبح ابتداءات قصصه ونهاياتها مرتبطة به فقط”.
  • الناقد حسّان أبو غنيمة: “إن حداثية اللغة السينمائية التي تعبّر عنها أفلام رينيه وغودار وانتونيوني وآلان روب غرييه، تظهر بوضوح في قصص غسّان عبد الخالق؛ فإيقاعه القصصي وبنيته السرديّة تنتميان إلى الحداثة بحقيقة مفهومها، لا بالتجريب المضلِّل وغير المفهوم”.
  • الناقد تيسير مشارقة: “غسّان عبد الخالق في مجموعته القصصية الأولى (نقوش البياض)، لم يخرج كثيرًا عن (ميثاق لوغون الأوتوبيوغرافي)، وكان جريئًا ومغامرًا بالإفصاح عن طفولته ومخزون ذاكرة الصّبا”.
  • الناقد محمد المشايخ: “قصص غسّان عبد الخالق، مواكبة لنوع محدّد من القصص الذي بدأ يظهر في الأردن بعد النصف الثاني من الثمانينات، على يدي محمد طمليه وطلعت شناعة وغيرهما، هذا مع التأكيد على أن لكل منهم تميزه وتفرّده في الأسلوب، ولأن الموضوعات الملقاة على قارعة الطريق مشتركة كما قال الجاحظ، فإن اللمسات الطفوليّة والأجواء المدرسيّة وظروف التشرّد والفقر والحرمان والدغدغات العاطفيّة، تكاد تكون موجودة عندهم جميعًا”.
  • الناقد زياد أبو لبن: “اكتفى غسّان عبد الخالق في (ليالي شهريار) بالقصة الإطارية، وأحال سائر القصص المروية داخل هذا الإطار السردي، إلى مرجعية القارئ التراثية”.
  • الناقد عبد الله رضوان: “مع أن معظم قصص (ليالي شهريار) تحاول أن تمتد لتغطّي فترة طويلة زمنيًا، إلاّ أن قدرة القاص على إيجاد تناغم بين الزمن الفني والوقائعي ظلّت قائمة. إن هذا الإتقان في التعامل مع الزمن الفني وترابطه مع الزمن في حركته الواقعية يؤكّد قدرة القاص على التعامل مع تقنيات فنّه”.

ويذكر أن لغسان عبد الخالق –الذي يشغل منصبي عميد كلية الآداب والفنون بجامعة فيلادلفيا الأردنية ورئيس جمعية النقاد الأردنيين- خمسة عشر كتابًا في حقول النقد والفكر أبرزها: (الزمان والمكان والنص) و(مفهوم الأدب في الخطاب الخلدوني) و(الأخلاق في النقد العربي) و(الدولة والمذهب) و(الموروث والنهضة والحداثة) و(الغاية والأسلوب) و(تأويل الكلام) و(الأعرابي التائه) و(الرمز والدلالة) و(الصوت والصدى)، وقد أصدر مؤخرًا الجزء الأول من سيرته الذاتية بعنوان: (بعض ما أذكره).

الأردن | موقع قلم رصاص 

عن قلم رصاص

قلم رصاص

شاهد أيضاً

ليالي الرعب في الرقة

الغرفة شبه مظلمة، مصباح صغير يضيء المكان، يكاد يلف المكان صمتٌ مخيف، تتخلله دقات الساعة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *