الرئيسية » رصاص ميت » السينما… الحياة.. توأمان في حلم بشار إبراهيم
الناقد السينمائي الراحل بشار إبراهيم

السينما… الحياة.. توأمان في حلم بشار إبراهيم

أحمد الخليل  |

درس الهندسة ولكنه آثر مغادرة عالم الأرقام والمخططات وجفاف الخرائط… إلى عالم الفن والخيال والأدب… كان مخيم دنون في ريف دمشق الجنوبي قد شكل لبشار إبراهيم الأساس الذي أطلق أحلام الفتى المتحدر من أسرة فلسطينية اقتُلعت من أرضها، لكنها وكما في كل الأسر الفلسطينية ظلت تحتفظ بحلم العودة..

بشار إبراهيم لم يزج نفسه كما الآخرين في مهالك السياسة ودروبها الوعرة…بل تقصى فلسطين في الفنون وخاصة فن السينما الذي غرم به…

ورغم توجهه للأدب في مستهل شبابه وخاصة القصة القصيرة، إلا أنه غادر الأدب مؤقتاً للتفرغ للنقد السينمائي والفني، وبدأ بتأسيس مكتبة سينمائية ضخمة في بيته ضمت فيما بعد مئات الأشرطة والأقراص المدمجة…، هذا غير الكتب والمراجع..

بشار لم يشتت نفسه كما آخرين في مختلف فنون الكتابة، بل خصص قدراته وطاقته بشكل أساسي للنقد السينمائي وتوثيق الحركة السينمائية الفلسطينية والسورية… والعربية…. رغم ذلك لم يحبس نفسه بشكل مطلق في النقد والسينما فأحياناً يعود لبداياته الأدبية فيحلق في فضاءات القصّة والشعر.

فقد بدأ بشار كقاص وشاعر وأصدر مجموعة قصصية بعنوان (سيف الدخان) صدرت عن دار (الحصاد، دمشق، 1995)، كما أصدر مجموعة شعرية بعنوان (موَّال الجمر) صدرت عن دار (كنعان، دمشق، عام 2000)….

لكن سرعان ما توقف عن نشر الأدب، ربما مؤقتاً، فقد كان قبيل وفاته بأشهر ينوي إصدار مجموعة قصصية جديدة حيث يرى إبراهيم أنّ التنويع في الكتابة، يعوّض عن جفاف النقد الذي يتطلب معلومات وأرقام ومراجع وبحوث تشبه جمود العلوم…

في نقده السينمائي وعمله في التوثيق الفني، توصل إبراهيم إلى قناعة أصبحت راسخة لديه وهي: أن (السينما المستقلة، على رغم ما تثيره حولها من جدل، الخيار المُتاح، وبارقة الأمل، في إزاء الفوات الذي يعمّ الحال العربية على المستوى السياسي والفكري، والنكوص التاريخي على مستويات عدة، بما فيها الإبداعي، وبمواجهة الصعوبات الإنتاجية، ماليًا وتقنيًا).

وقال الراحل إبراهيم في حوار له من الشاعر والصحفي رائد وحش: (يتعلّق الأمل على السينما المستقلة، أولًا وتاليًا، لأنها خيار فرديّ، يمكن عبرها لسينمائيين شباب نافرين ومتمردين أن يقترحوا قولًا آخر، مختلفًا، وربما جديدًا، إن كانوا مبدعين أصلاء، من خلال كاميرات صغيرة الحجم، سهلة الاستعمال، قليلة المتطلبات، زهيدة السعر، ويمكن أن تعطي نتائج فنية وتقنية مقبولة).

ويستطرد إبراهيم شارحاً قناعته: (….الأمل يتعلّق بحبال السينما المستقلة، ليس لأنها أكثر حرية، فهي لا زالت محكومة، في غالبية إنتاجاتها التي شاهدنا حتى الآن، بكثير القيود السياسية والمجتمعية والذهنية، وهي حتى الآن لم تتجاوز بعضًا مما سبق أن تحقّق عبر أفلام سينما القطاع العام، في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات، من القرن العشرين).

بشار ابراهيم المهموم بالفن والسينما والأدب حاول ومنذ بداية مرضه، أن يغلب المرض ولطالما رفع علامة النصر على هذا الخبيث من على سريره في مشافي الإمارات..، إلا أن الموت غافل جسده الضخم… فيما روحه فرت طليقة حاملة حلم بشار بالحياة الأجمل كما جسدتها السينما كفن خالد عصي على الموت..

كاتب وصحفي سوري ـ ألمانيا | خاص مجلة قلم رصاص الثقافية

عن قلم رصاص

قلم رصاص

شاهد أيضاً

متعبون من فرط النوم.. راقصٌ على إيقاع الغياب.. ضياع أنت يا صوت القصب

وحدكَ تدْقُّ الأرضَ عصاك مغشيّاً على وضحِ المدى   لا رفيقٌ يردِّدُ معك شعارَ الجلسةِ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *