بعد أن تقلص الدور الوهمي الذي كانت تقوم به المؤسسات الرسمية المعنية بنشر المعرفة (وزارة الثقافة واتحاد الكتّاب)، كان لا بدّ من بدائل، من حيث أن الحياة لا تقبل الفراغ. فتعددت الجمعيات، والملتقيات على اختلاف أسمائها، وانتشرت كالجزر هنا، وهناك. البعض منها تسلق إدارتها، أو مجلس الإدارة نفس الأشخاص الذين ملأوا منابر المؤسستين السابقتين هذرا!! والبعض الآخر لم يصب بتلك اللوثة. من تلك الملتقيات نادي القراءة والسينما، في مدينة اللاذقية. حضرت إحدى جلساته بدعوة من السيدة ليلى شمّا.
وهناك التقيت مجموعة سيدات، اهتماماتهن المعرفية متباينة، يجتمعن كل شهر مرة، وفي كل اجتماع يكون الحديث عن كتاب يتم الاتفاق على قراءته مسبقا. وأحيانا يجتمعن على مشاهدة فيلم سينما.
تأسس نادي القراءة والسينما بتاريخ 4 /1 / 2012 بمبادرة من تلك السيدات، ليكون نشاطه أحد الأنشطة المخصصة للكبار في” نادي الرسم المجاني للأطفال”. خلال السنوات الأولى كان اللقاء يتم مرتين في الشهر، مرة لمناقشة كتاب، ومرة لمشاهدة فيلم. ويتم اختيار الكتاب أو الفيلم من خلال التصويت، أما الآن فقد استقر الحال على جلسة واحدة في الخميس الأول من كل شهر. تنوعت الكتب التي تمت مناقشتها، بالإضافة لذلك فقد استضاف النادي بهذه الجلسات الكثير من الكتّاب، وتم حوارهم، ومناقشة ما جاءت به كتبهم.
لم يكن لتلك السيدات أية غاية من وراء اجتماعهن سوى تبادل المعرفة، لا بل وكنّ في كل جلسة يتبرعن بما يستطعن من مال لرفد مكتبة النادي بكتب جديدة. مع الأيام انصقلت مواهبهن النقدية، وأخذت مناقشاتهن تأخذ شكل النقد الأدبي.
هذه القراءات لن تذهب سدى، فهي تؤسس لمجتمع النخبة، من حيث أن غالبيتهن أمهات، وسينعكس مخزونهن المعرفي على تربية أبنائهن، وعلاقاتهن العامة. هذه الحال لم تكن سائدة قبل عام 2011 / آنذاك كانت الأنشطة الثقافية –وكأنها- من اختصاص الكّتاب حصرا، الإناث منهم، والذكور. وأي امرأة يمكنها أن تحضر أي نشاط، ولكن بصفة جمهور!! وتحتاج وقتا طويلا لتنتقل إلى المشاركة الفعالة. مرة أخرى نؤكّد أن الحياة لا تقبل الفراغ، وأن تلك النسوة، وغيرهن في النوادي والجمعيات والملتقيات، يمكن اعتبار نشاطهن حالة تأسيس لدور جديد في حياة المرأة السورية. هذا الدور ستصقله التجربة والقراءة والأيام. تحية لتلك النسوة اللواتي رغم كل شيء مازال الأمل بسورية الوطن يتصدر اهتماماتهن. وأنا على ثقة بأن هذا الكم سيفضي إلى كيف يوما ما.
مجلة قلم رصاص الثقافية