الرئيسية » نقار الخشب » سورية تفوز بالأوسكار ؟!

سورية تفوز بالأوسكار ؟!

علي وجيه  |  

مع دخول موسم جوائز السينما الكبرى آخر العام، اختار بعض العرب عناوينهم المرشّحة للمنافسة ضمن التصفيات المؤهلة لأوسكار «أفضل فيلم أجنبي» (26 شباط/ فبراير 2017). مصر رشّحت «اشتباك» لمحمد دياب، الذي افتتح قسم «نظرة ما» في مهرجان كان الأخير، وحقق حضوراً دولياً لافتاً. لبنان أرسل «فيلم كتير كبير» لميرجان بو شعيا، الذي منحه كوبولا النجمة الذهب في مهرجان مراكش، قبل جولات موفقة في مهرجانات العالم. «3000 ليلة» للفلسطينية مي المصري يرفع علم الأردن. «على حلّة عيني» لليلى بوزيد يحمل اسم تونس. إنّه أفضل فيلم روائي طويل في مهرجان دبي السينمائي الفائت، وصاحب جائزتي الجمهور والسينما الأوروبية (فيليكس) ضمن «أيام فينيسيا» في مهرجان البندقية السينمائي 2015.

السعودية انتخبت أبرز إنتاجاتها منذ انطلاق السينما في المملكة: «بركة يقابل بركة» لمحمود صباغ، الذي انتزع جائزة لجنة التحكيم الدولية في «المنتدى» ضمن مهرجان برلين السينمائي 2016، وجال مهرجانات كبيرة مثل تورونتو ولندن.  كلّها أفلام مشتركة الإنتاج بين دول وصناديق دعم، عدا «اشتباك» المموّل مصرياً بشكل خالص.

منذ فوز «أجنحة» (1927) وليام أ. ويلمان، دخل التصفيات كل من لبنان والأردن والعراق وفلسطين والمغرب وتونس والجزائر والسعودية. قليلون نجحوا في عبور الأمتار الأخيرة نحو القائمة القصيرة. الجزائر خاضت اللعبة 16 مرّة، بسبب نشاطها الغزير في الإنتاج المشترك قبل «العشرية السوداء». بلد الأمير عبد القادر موّل «زد» (1961) لليوناني كوستا غافراس، الذي نال الأوسكار عام 1970 تحت اسم الجزائر. يشوب هذا التتويج الوحيد أنّ محققه غير عربي. تماماً كما حصل مع الإيطالي إيتوري سكولا في «الحفل الراقص» (1983)، الذي وصل القائمة القصيرة دون فوز ثانٍ للجزائر. ثمّة 3 ترشيحات رسميّة جزائرية أخرى لرشيد بوشارب، الذي يعد أكثر مخرج عربي فعلها، هي: «غبار الحياة» (1995)، و«أيام المجد» أو «بلديون» (2006)، و«خارجون على القانون» (2010). يليه الفلسطيني هاني أبو أسعد بترشيحين من أصل 8 محاولات لبلاده: «الجنّة الآن» (2005) و«عمر» المفارقة أنّ مصر لم تبلغ القائمة القصيرة قط. البلد الأول في السينما حاول 30 مرّة، مع أسماء ثقيلة مثل يوسف شاهين (4 أفلام) وكمال الشيخ وسعيد مرزوق وعلي بدرخان. المغرب أرسل 10 أفلام دون توفيق، وهو موطن مهرجانات السينما الأول.

الأوسكار الماضي جاء استثنائياً للسينما العربيّة، بترشيح «ذيب» للأردني هاني أبو نوّار، والقصير «السلام عليك يا مريم» للفلسطيني باسل خليل. يمكن الاطّلاع على تفاصيل تاريخية أشمل في مقال الناقد اللبناني محمد رضا «العرب في ميزان الأوسكار»، المنشور في صحيفة «الشرق الأوسط».

بعد الترشيح

الترشيح الأولي يتمّ من خلال لجنة مختارة من وزارة الثقافة (لبنان)، أو نقابة السينمائيين (مصر)، أو مركز وطني للسينما (تونس)، أو حتى جمعية غير حكومية. المهم أن تحظى الجهة أو الهيكل بحق تمثيل الدولة، وبإقرار «أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة» المنظّمة للحدث. في حالات أخرى، يدخل الفيلم التصفيات أوتوماتيكياً، إذا فاز بجائزة أحد المهرجانات الأميركية المتفقة مع الأكاديمية على ذلك. هكذا، يجتاز الفيلم مراحل، تتوّج بقائمة نهائية، يتمّ الكشف عنها قبل شهر من حفل التوزيع. لا خلاف على المستوى الفنّي للأشرطة الواصلة. يبقى ما يتعلّق ما يتعلّق بالموضوع والمعالجة وشؤون الدعاية والإعلان. نعم، النجاة من التصفيات، والأدهى الفوز، يتطلّب دعاية ضخمة في الولايات المتحدة. نفقات باهظة لتغطية التوزيع في عدد محدّد من الصالات والحملة الإعلامية، ناهيك عن العروض الخاصة وتوزيع النسخ وحفلات الكوكتيل. النيّات الطيّبة لا تكفي في عالم شرس كهذا.

ماذا عن سوريا؟

لا شيء. السوريّون لم يعرفوا جوائز الأوسكار سوى على الشاشات. لم تطأ أقدام السينمائيين السوريين مسرح «دولبي» في لوس أنجليس ولو لمرّة. السبب بسيط: سوريا لم ترسل فيلماً واحداً يمثّلها. مع اشتعال الحرب السورية، التفت العالم إلى وثائقيات المعارضة بشكل خاص. تمّ التشبيك مع جهات دعم ومنصّات مثل 

«بدايات»، للأخذ بيد الشريط إلى المحافل الكبرى. هكذا، ضرب التسجيليون السوريون في ساندانس ولوكارنو وأمستردام ولندن وغيرها. طلال ديركي حقق الإنجاز الأبرز، بجائزة أفضل وثائقي أجنبي في مهرجان «ساندانس» 2014 عن «العودة إلى حمص» (2013). أفلام «المؤسسة العامة للسينما» عانت حصاراً عربياً خانقاً، قبل أن تبدأ في كسره أخيراً. مهرجانا دبي وقرطاج لم يبرمجا فيلماً للمؤسسة منذ بدء الحرب، على الرغم من جودة بعضها. كذلك، لا يبدو أنّ المهرجانات الدولية الكبيرة في وارد تغيير توجهاتها لأسباب سياسية لا فنيّة. لا يُعقَل أن يصبح الفن محتكراً من قبل وكلاء حصريين للألم السوري. رغم ذلك، حاول محمد عبد العزيز في تصفيات الغولدن غلوب بـ «الرابعة بتوقيت الفردوس» (2015، «المؤسسة العامة للسينما»). أفلام باسل الخطيب تدور دائماً.

الحل؟

قد يكون رومانسياً في نظر البعض. لا بديل عن تأسيس جمعية أو رابطة من السينمائيين والنقاد المعتدلين، بعيداً عن أصحاب الرؤوس الحامية والنضاليات الفارغة على الضفتين. الطبيعة غير الحكومية لأيّ تجمّع، يلغي الكثير من العوائق والحرج بينهما. هذا الهيكل يتولّى انتقاء الشريط الأفضل بغض النظر عن تحزّبه وجهة إنتاجه. يتواصل مع الأكاديمية لنيل اعتمادها، ومع المؤسسة العامّة للسينما ومختلف الجهات للحصول على مباركتها. يراسل دولياً للانخراط في العملية كما في الدول الأخرى. هذا قد يجلب تمويلاً لنفقات السفر والدعاية من هيئات وصناديق دعم، إذا ما شقّ الفيلم طريقه بنجاح. كذلك، يقوم بتوجيه صنّاع الأفلام إلى المهرجانات الأميركية المعتمدة من أعضاء الأكاديمية. الفوز بجائزة إحداها يوفّر الكثير من المصاعب والنفقات. يوماً ما، يمكن أن يذهب أوسكار أفضل فيلم أجنبي لفيلم سوري. لم لا؟

سيناريست وناقد سوري  | مجلة قلم رصاص الثقافية

عن قلم رصاص

قلم رصاص

شاهد أيضاً

متعبون من فرط النوم.. راقصٌ على إيقاع الغياب.. ضياع أنت يا صوت القصب

وحدكَ تدْقُّ الأرضَ عصاك مغشيّاً على وضحِ المدى   لا رفيقٌ يردِّدُ معك شعارَ الجلسةِ …