آخر المقالات
الرئيسية » مبراة » الإعلام كسلاح نوعي !

الإعلام كسلاح نوعي !

أغلقت صحيفة السفير، فلا سفير هذا العام أو الأعوام المقبلة، كان هذا الأمر متوقعاً على الأقل عند أصحاب السفير أنفسهم، لأن ما كان سائداً في القرن العشرين ما عاد يصلح لهذا القرن، وتضاعف دوران عجلة التطور عشرات الأضعاف، يكفي أن دول الخليج قد أدركت أنها يجب أن تتجاوز مسألة الاعتماد على العرب الآخرين في مختلف مجالات الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية والمعرفية والإعلامية، وبينما اتجهت السعودية للتسليح لتتصدر دول العالم بشراء السلاح لسنوات متتالية، واتخذت الإمارات العربية من السياحة سلاحاً تصدرت فيه المشهد العربي والعالمي، وكانت السياسة من نصيب سلطنة عُمان، أما البحرين بلد اللؤلؤ فوجدت في “السياحة الجنسية” سبيلاً لتثبيت وجودها وكيانها في الخليج العربي، وتكفلت آبار النفط العراقية التي استولى الكويتيون عليها بعد حرب الخليج الثانية بضمان مكانتها، ولعل حجم إمارة قطر الصغير جداً جعلها تبحث عن سلاح نوعي وفتاك أكثر من أسلحة الدمار الشامل.

وأخيراً وجدت سلاحاً يمكنها استخدامه دون الخشية من أي تهديدات إقليمية أو عقوبات دولية، وجدت في الإعلام ضالتها ووظفت كل طاقاتها لتطوير هذا السلاح معتمدة على أموال النفط والكفاءات الإعلامية من مختلف الدول العربية، وجعلت من قناة الجزيرة رأس الحربة واتخذت من القضية الفلسطينية وسيلة للوصول إلى قلب ووجدان الشعب العربي.

عندما أدركت الجزيرة أنها أصبحت رقم واحد لدى المواطن العربي، التفت عليه وبدأت تتحكم به وتديره كما تشاء، وتمرر ما تريده أو بالأحرى ما يريده ممولوها الأصليين ومن خلفهم حتى أحكمت الحبل حول أعناق الشعوب وتركت الأنظمة القمعية تشد جسم الشعب من الأسفل.

ثم أخذ القطريون ينهجون نهجاً مختلفاً باستقطاب اليسار العربي وبدلاً من أن يكون دورهم دفع المال للصحف والقنوات اللبنانية التي تمتاز بسقف عالي من الحرية، ومكانة مرموقة بين الجماهير العربية، مقابل تمرير رسائل وأفكار تخدم المصالح الخليجية في المنطقة، تحول ذلك نتيجة الوعي الإخواني إلى ضرورة تستوجب إنشاء صحف ومجلات وقنوات تلفزيونية ومواقع إلكترونية تستقطب اليساريين العرب على اختلاف انتماءاتهم ومذاهبهم وعقائدهم، وعدم الاكتفاء بالجزيرة خاصة بعد أن انخفضت أسهمها لدرجة كبيرة في الشارع العربي بعد الدور التحريضي الذي لعبته في تحريك الشعوب وإثارة الفتن المذهبية والطائفية.

قطر التي اضطرت حكومتها لإزالة تمثال نطحة اللاعب الجزائري الفرنسي زين الدين زيدان من كورنيش الدوحة البحري بعد شهر فقط من وضعه احتفاء باللاعب العربي، وقد أزالوه بأمر الإسلاميين القطريين الذين رأوا فيه صنماً، نراها تفتح عشرات المواقع الإلكترونية والقنوات التلفزيونية والصحف التي تنطلق وتُدار من مختلف عواصم العالم وتستقطب اليساريين والشباب والمثقفين وتدفع لهم مبالغ خيالية، فهل يحق لنا التساؤل لماذا؟ ما الذي يريدونه؟ نعم لقد أدركوا أن الأفضل من الدفع للصحف العربية وتمويلها هو استقطاب صحفييها ليؤسسوا شبكات إعلامية تخفي لحاها تحت خمار العلمانية واليسار، والمؤسف أن أغلب اليساريين يعرفون أنهم يقبضون رواتبهم من أصحاب اللحى الكثة وأنهم لو أمسكوهم في مناطق سيطرتهم لجزّوا رقابهم وجعلوا لهم من الأقلام خوازيقاً، إلا أنه لا ضير في ذلك ما دام الويسكي مدفوع الثمن.

رئيس التحرير   

عن فراس الهكّار

فراس الهكّار
صحفي وكاتب سوري، بدأ العمل في الصحافة السورية في عام 2006، ونشر في العديد من الصحف والمجلات السورية، كتب ونشر في بعض الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية العربية، أسس مجلة قلم رصاص الثقافية في بلجيكا عام 2016، ويترأس تحريرها.

شاهد أيضاً

مصلوبٌ على باب الرقة

(1) في بلدتي يأتيكَ بالأخبار بائعُ الأحلامِ  والمناجلِ وسكَّاراتُ البليخ والحطّابات وتُشنقُ الطفولةُ دون أنْ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *