الرئيسية » رصاص حي » البعثي الذي أرشد كاسترو إلى كوبا

البعثي الذي أرشد كاسترو إلى كوبا

الله ما أكبر غلاك .. أنت بشر غير عاديّ .. رهيب والله رهيب، هكذا كنا نغني جماعياً عندما كنا نرى  الرفيق أبا آذار أمين فرقة حزب حارتنا مقبلا ً نحونا،  ونحن جالسون أمام باب بيتنا، نقطع أمسيات الصيف.

أبو آذار  بعثي، سمّى ابنه آذار تيمناً بثورة البعث، وكل زر من أزرار قميصه وسام شرف ناله في نضاله البعثي والقومي والأممي.

والبعثي برأي أبي آذار أديب عضوي، لذلك يكتب الشعر، والقصة ويضمنهما نبوءاته، فالشاعر البعثي صاحب نبوءات لا تخيب، على أن كتاباته لا ترقى إلى ثرثرة سوق البقر، فهو لا يجيد لا الإملاء ولا النحو، ويرى تلك الأسس اللغوية عبء على الروح البعثية المبدعة.

بلغ من عشق أبي آذار  للبعث أن يبسمل بالبعث، ويحوقل بأهدافه، ويحفظ كل قصائد سليمان العيسى البعثية، وهو على يقين بعثي أن البعثي الأصيل إذا ما رهن نفسه للنضال الحزبي يصبح ملهماً موحى له من ملائكة بعثية، تلك قناعة راسخة في ذهنه رسوخ الصحراء في الحماد السوري.

ويفتخر بأنه مؤلف النشيد الوطني الذي تردده مسيرات الحزب القائد : “حط البلبل على الصفصاف حافظ أسد لا يخاف”. 

أبو آذار  هو رجل أطول من جزمته  الفريدة التي  أهدته  إياها  ( سها عرفات )  وسام شرف لقصيدته التي تنبأ فيها عن موقع سقوط طائرة  ياسر عرفات في الصحراء الليبية، إذ حين تناهى إلى مسامعها نبأ سقوط طائرة زوجها راحت  تبدد جحيم انتظار ما يسفر عنه البحث عن زوجها  بحل الكلمات المتقاطعة في جريدة عربية، فوقع نظرها على قصة لأبي آذار  يقول فيها: و استراح ياسر بعد هده التعب في ظل ياسمينة في صحراء كبيرة.

انتبهت أن في الكلام لغز، سارعت إلى الاتصال بالجريدة حصلت على هاتف أبي آذار، قالت: يا سيد أبا آذار  أنا مؤمنة بصدق نبوءة المبدع، وحكت له الحكاية، فقال له باقتضاب: يا سها الصحراءَ الصحراءَ، أما قرأت القصة، وأقفل الهاتف.

عادت المسكينة إلى القصة فقرأت في نهايتها، فتحت  الجماهير ذراعيها لتتلقاه، فاستنتجت أن ياسر في صحراء الجماهيرية، فأخبرت السفارات التي طلبت من أقمارها الصناعية أن تصوّر الصحراء فاكتشفت فعلاً أنه في الصحراء.

أرسلت سها أغراضاً كثيرة مكافأة لأبي آذار،  لكنها سرقت في البريد، ولم يبق  منها إلى الجزمة.

لو عدنا إلى أبي آذار،  فهو بأربعة أضعاف من الكرافات التي يلبسها، وهي مهداة له، كما حكى من  السيد كاسترو الذي تاه فيه قارب غرينكا وسط البحر.  فيئس، و بينما هو يجاهد الموج مع رفاقه، أبصر ضوء سراج منير اتجهوا صوبه.  ولأنهم لا يعرفون في أي أرض هم، وإذا ضوء السراج ينبعث من كوخ ،تجسسوا على ما فيه ليتعرفوا هويته فسمعوه يرتل قصيدة: يا ماشي إلى الموت برجليك البحر ينجيك،  نجم القطب الشمالي يحيّيك ، فتنبّه للأمر إنه حرس موانئ أميركي.

لو أن أرسل  هذه القصيدة لوقع في المصيدة،  ولا عاشت كوبا، ولا كانت ثورة كاسترو، ففر كاسترو، وانتبه إلى السماء، فرأى نجم قطب الشمال، فاهتدى به إلى كوبا. وحين استلم كاسترو سدة الحكم بحث عن قائل القصيدة طويلاً ولما عرف أنه رهيب، أرسل له زورقاً من الهدايا،  لكن أمريكا صادرته في البحر،  ولكي تقهر أمريكا المناضل البعثي أبا آذار  أرسلت له كرافات.  وكتبت على بطاقة مرفقة هذا ما يليق بالشاعر المناضل نحن صادرنا الزورق، وتمتم: العرق دساس ،شعب أمريكا أساسهم قراصنة.

مجلة قلم رصاص الثقافية

عن د. خالد زغريت

د. خالد زغريت
كاتب وأكاديمي سوري، إجازة في اللغة العربية، دبلوم دراسات عليا شعبة الأدبيات، دبلوم تأهيل تربوي، ماجستير في الأدب القديم وعلم الجمال، دكتوراه في الأدب القديم وعلم الجمال. يعمل مدرساً في كلية الآداب. ينشر في الصحف والمجلات والدوريات. له عشرون بحثاً علمياً محكماً في الدوريات العربية والدولية وعدة كتب منشورة منها: قامة النار وخريف السيدة الأولى، أهرامات السراب، الصفير في وادي الشياطين.

شاهد أيضاً

اليابان بعد الحرب

في رحلتي باحثاً عبر تجارب الشعوب.. و بعد الاطلاع على التجربة الألمانية في النهوض بعد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *