الرئيسية » رصاص ميت » الأديب عبد السلام العجيلي وقصر ابن وردان

الأديب عبد السلام العجيلي وقصر ابن وردان

محمد العزو  |

في صيف عام(1999م) كنت أنا أمين متحف الرقة اﻷثري، وموظفي المتحف وهم نورس محمد، ومحمد العبو، وعلي البكار  وغيرهم، جالسين في المتحف وكان اليوم  يوم جمعة ﻷن عطلة متاحف الدرجتين اﻷولى والثانبة يوم الثلاثاء من كل اسبوع ، دخل علينا أحد الحراس مهرولأ وقال: الدكتور العجيلي قادم من مكتبة الخابور لزيارة المتحف..وعلى التو استقبلناه “رحمه الله” عند مدخل المتحف، وبعد الترحيب والسلام بادر قائلأ: باﻷول ماذا لديكم من مكتشف جديد؟ قلت له دكتور هنا على اليمين غرفة عرض حديده، عرضنا فيها أهم مكتشفات تل الممباقة الجديدة..سأل رحمه الله وأين يقع هذا التل؟

قلت له: علي الضفة اليمنى لبحيرة السد قبالة جبل عرودة هز رأسة دﻻلة على معرفته الجيدة بجغرافية المنطقة، ثم رأى العرض الجديد، وهو عبارة عن مجسم منحوت بشكل بارز يمثل إمرأة تمسك نهديها بكفيها ترمز ﻷلهة الخصب، وكذلك مجموعة من خرز العقيق والمرجان واللازورد وخرز زجاجي، وكتلة كببرة من البرونز لمجموعة برونزية تمثل أشكالأ من الفنون التطبيفية، وفي مقدمتها “بايب” بالحجم الطبيعيي وبديع الصنعة، ودون أي أنتظار وكعادته الباسمة المرحة قال: ولهذا كلكم تدخنون..تبسم الجميع، ثم قال لي واﻷن ما هي المعلومات التي لديكم عن قصر ابن وردان.

جلسنا في المكنب ثم شرحت وقلت قصر ابن وردان يقع إلى الشرق من حماة ببن بلدة السعن وموقع مدينة اﻷندرين اﻷثرية، وهو عبارة عن قصر كبير، يعتبر من أهم المعالم المعمارية، لما يتمتع به من اسلوب معماري بديع وفريد من نوعه، شيده مهندس معمار اسمه”يزيدور”من مادة الحجر المختلط باﻵجر اﻷحمر ، ويعود تاريخ القصر إلى عام(565- 527 م)، وجدران القصر، وفجأة وبطريقة سلسلة ﻻ يتقنها إﻻ النبهاء وذوي المقدرة الرفيعة، استلم الحدبث وأكمل وجدرانه بنبت من الطين الممزوج بماء الورد فكلما هطل المطر أو رش الماء على جدرانه، اتبعثت منه روائح الورد العطرة..ثم استطرد قائلأ : والسؤال اﻷن لماذا سمي بقصر ابن وردان؟ قلت: نسبة إلى شخص من بدو قبيلة عنزة كبير في قومه، هاجر من نجد إلى سورية منذ(300) سنة فسكن القصر اﻷثري واطلق عليه قصر ابن وردان، قال وهو  يبتسم بسمة العلماء: ارجع إلى المصادر القديمة، مثل الطبري أو القلقشندي لعلك تجد ما يفيدك بهذا الخصوص، عند هذا الحد قلت لنفسي الدكتور يعرف كل شيئ عن هذه اﻵبدة التاربخية ويعرف معرفة أكيدة لماذا سمي بقصر ابن وردان؟ بعد هذه الزيارة الميمونة من قبل النبع الذي سقي الرقة منه وبالعودة إلى كتاب القلقشندي “أخبار الجزيرة” وجدنا أنه في القرن السادس م كان في مدينة اﻷندرين ابن ملك بيزنطة وإسمه “بن وردان”، وﻻ شك إن سبب التسمية ربما تعود إلى القرن السادس الميلادي..

وفي زيارة إلى الدكتور عفيف بهنسي في بيته، بمعية البرفسور “مك واير جبسون”مدير  معهد آثار الشرق القديم في”شيكاغو” أخبرته بهذه المعلومة، فسألني عن المصدر  فقلت له عند القلقشندي، وأرشدنا على ذلك الدكتور العجيلي، فقام واحنى رأسه تحية إكبار وإجلال..العجيلي زهرة الفرات وابن  بار  لبلده وﻷهله، خلقه الرب مبتسمأ ونادرأ ما تراه غير مبتسمأ، الرقة الحزينة اليوم عرفت ثﻻث يناببع أروت البلاد والعباد هشام بن عبد الملك وهارون الرشبد في العصر اﻹسلامي، وعبد السلام العجيلي في القرن العشرين رحمه الله وطيب ثراه.

باحث آثار سوري | مجلة قلم رصاص الثقافية

عن قلم رصاص

قلم رصاص

شاهد أيضاً

متعبون من فرط النوم.. راقصٌ على إيقاع الغياب.. ضياع أنت يا صوت القصب

وحدكَ تدْقُّ الأرضَ عصاك مغشيّاً على وضحِ المدى   لا رفيقٌ يردِّدُ معك شعارَ الجلسةِ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *