آخر المقالات
الرئيسية » رصاص حي » سؤال القراءة

سؤال القراءة

لينا حلاج  |  سوريا

القراءة: قراءات، وهذا ما جعل معناها، وقيمتها، وأسبابها، ودوافعها، تختلف من شخص لآخر.
أحب القراءة .. مولعة بها
استنشق رائحة الورق وعبق الحروف، كل كلمة أقراؤها بقلبي قبل عيني.
أحب أن أقرأ في مختلف المجالات من اجتماعي إلى فكري إلى تنموي إلى تاريخي إلى سياسي إلى اقتصادي إلى ديني
وهذا يفتح لي نافذة عريضة على باقة من المعلومات والمقاصد.
تنوع القراءة يوسع الأفق والادراك..
..
أحب عالم الروايات، أسرح في كل تفاصيله، أقع في حب كل بطل أتخيله في الرواية، أتخيل نفسي بطلة كل رواية، أعيش أحداثها، وربما أبكي في كل فراق، وافرح في كل لقاء يتم على صفحاتها..
أغرق في الأحداث وكأنني في بحر عميق من المشاعر، اعترف أني أهرب من الواقع بهم، وهذا أجمل هروب يمكن لأحد أن يهربه في حياته. وقد قرأت الكثير من الروايات، منها على سبيل المثال رواية (حجر الصبر)، للكاتب عتيق رحيمي.

يختزل الكاتب الأفغاني عتيق رحيمي مأساة بلاده إلى غرفة ضيقة حيث تسهر امرأة شابة على راحة زوجها، الذي كان مجاهداً في أكثر الحروب عبثية، بعد أن أصيب بطلقة نارية في رقبته، عينا الرجل مفتوحتان وجسده الهامد غارق في غيبوبة عنفه وآثامه، والمرأة تتلو على وقع أنفاسه صلواتها وأسماء الله الحسنى.

يغدو الرجل الغائب عن العالم حجر صبرها، وتغدو المرأة شهرزاد الأفغانية التي يتدفق من فمها المطبق سيل من الكلمات اللاذعة المشحونة برغبات دفينة، تدخل في مصارحة جريئة ومناجاة هذيانية مع زوجها وتبوح له بأسرارها الأكثر خطورة، متحدية خوفها وخضوعها.

لا يمكن للجميع بلوغ السعادة، إن سعادة بعض الناس تسبب تعاسة آخرين، هكذا هي الحال.
نبتسم ابتسامة خفيفة تحل محل ألف كلمة وكلمة، ثم ندرك أن كل شيء انتهى، على أنقاض امرأة.
قراءة الروايات كانت دليلي إلى عالم القراءة، كانت هي الباب الذي دخلت منه إلى ذلك المفهوم، لذلك لم أتوقف عندها، مما أذكر قرأت أخيرا كتاب (الهشاشة النفسية)، للكاتب إسماعيل عرفه.
فالهشاشة النفسية أصبحت جزء من العالم العربي، عندما غابت الآمال والطموحات، وتلاشت الاهتمامات، واكتفى كل شخص بنفسه.
هل أصبحنا مدللين إلى هذه الدرجة؟ هل علينا تعظيم كل مشكلة لدينا وكأنها مشكلة المشاكل كلها!
لنجد أنفسنا أمام جيل هش لا يقوى على تحمل المسؤوليات وأعباء حياته الخاصة، وتناسى المجتمع الذي يعيش به والقضايا العامة التي تهم الجميع.
حيث تؤثّر عليهم المواقف البسيطة بشكل كبير، وتضرّهم نفسيّاً. وهنا، يتدخّل الكاتب ببعض الحلول لحلّ هذه المشكلة بعد عرض كلّ جوانبها..

ويؤكّد هُنا أنّ من أكبر المشاكل التي سبّبتها الهشاشة النفسيّة هي ظهور جيل “رقائق الثّلج”، وقد عرف الكاتب جيل رقائق الثلج كما أسماه: هش نفسيا، ويتحطم شعورياً مع أول مشكلة يقع بها، أو ضغط يواجهه في الحياة، ضعيف، يلعب دور الضحية دوماً، رقيق الجلد وسريع الانكسار، تركيبته النفسية خالية من أي هيكل صلب يقويها ويدعمها ويساعدها في مواجهة مشاق الحياة.

وإحدى نتائج هشاشتنا النفسية هي أننا نقوم أحياناً بتضخيم أي مشكلة تظهر في حياتنا إلى درجة تصويرها ككارثة وجودية، في عملية تسمى في علم النفس ب الهزة النفسية.
إن الهزة النفسية القوية التي نتعرض لها تشل قدرتنا على التفكير والتعامل مع الآخرين، فالصدمات التي نتعرض لها هي جزء من حياتنا، تبعا لتقلبات الحياة أو تقلباتنا النفسية، فمن منا لا يتعرض لصدمات كثيرة في حياته.
لماذا أصبح لدينا هوس بالطب النفسي والعلاج النفسي؟ وكيف يمكننا أن نحدد ما هو صحيح وما هو خطأ في الطب النفسي؟

أليست الصدمات التي نواجهها يمكن أن تكون تقلبات حياتية بدل أن نسميها اضطرابات، بما تشمله من حزن وألم، لكن الحزن ليس كالاكتئاب ولا الألم كالصدمة.
وهكذا صرت أتنقل من كتاب إلى كتاب، فتتسع مساحة معرفتي بجهلي، وتتوسع مداركي.
يقول بيجوفيتش “كم فسيح هو قدرنا وكم ضئيلة تلك التي تسمى إرادتنا”.

وأحيانا أعود إلى اختصاصي في دراستي الجامعية، أرفده بمعلومات جديدة، وقد قرأت مؤخرا كتاب ( الأب الغني والأب الفقير) للكاتب روبرت تي. كيوساكي الكتاب الذي أثار ضجة في عالم المال!
يعلم روبرت تي. كيوساكي الناس كيف يصبحون من أصحاب الملايين. ولهذا يدعى معلم أصحاب الملايين.
والسبب الأساسي في معاناة الناس مالياً، هو أنهم ينفقون أعمارهم في الدراسة ولكن دون أن يتعلموا شيئاً عن المال، والنتيجة هي أنهم يتعلمون العمل لقاء المال، لكنهم لا يتعلمون أبداً كيف يسخرون المال في العمل لصالحهم.
إن أحد الأسباب التي تدفع الثري لمزيد من الثراء، والفقير لمزيد من الفقر.

يعد المال أحد أشكال القوة، ولكن التعليم المالي هو القوة الأكبر، فإن تعلمت عن طبيعة المال، فلديك السلطان النافذ عليه ويمكنك تحصيل ثروتك، ولن يجدي التفكير الإيجابي النفع لوحده.
إن من أهم النصائح التي يقدمها الكاتب “إن اردت أن تصبح ثريا، فلا بد من قراءة وفهم الأرقام”
أول درس نتعلمه هو جعل المال يعمل لصالحنا، بخلاف أن نعمل نحن لجنيه، هو كل المطلوب لاكتساب القوة. فالسعي وراء المال يمنح القوة لصاحب العمل، أما جعل المال عاملاً عندك، فأنت حينئذ من يمتلك القوة ويتحكم فيها.
إن النجاح في الحياة ليس متوقفاً على الدرجة الجامعية، بل هو أكبر من ذلك هو الشجاعة والجرأة أو ربما التهور – البراعة – العناد – الذكاء الحاد – التبجح، أيا كان المسمى هو الذي يحدد مستقبل الفرد أكثر مما تحدده الدرجات المدرسية.
فالخوف الزائد ونقص الثقة بالنفس هما ما يحطان من تفوق المرء، فالذكي ليس من يفوق أقرانه في الحياة العملية بل العنيد من يفعل ذلك

ولم أذهب في عنادي إلى ما قاله ذلك الكاتب عن المال، بل ذهبت باتجاه القراءة. وها أنا بعد قراءة عشرات الكتب، أدرك أنني بحاجة إلى عمر مضاعف عشرات المرات، لأقرأ، ومن ثم أجيب على سؤال القراءة المفتوح على كل الاحتمالات، والتوقعات. ما زلت أقرأ من أجل متعة القراءة ..

مجلة قلم رصاص الثقافية

عن قلم رصاص

قلم رصاص

شاهد أيضاً

مصلوبٌ على باب الرقة

(1) في بلدتي يأتيكَ بالأخبار بائعُ الأحلامِ  والمناجلِ وسكَّاراتُ البليخ والحطّابات وتُشنقُ الطفولةُ دون أنْ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *