آخر المقالات
الرئيسية » رصاص ميت » ذكرى ميلاد الفيلسوف الدانماركي سورن كيرككورد

ذكرى ميلاد الفيلسوف الدانماركي سورن كيرككورد

تصادف اليوم ذكرى ولادة الفيلسوف الدانماركي وواضع أسس الفلسفة الوجودية سورن كيرككورد في يوم 5/5/1813، وبهذه المناسبة أود أن أكتب بإيجاز عن واحدة من القضايا المهمة التي أغفلتها جميع البحوث، وهي قضية أمه ودورها في حياته.

من بين الكتب التي تناولت حياة كيرككورد وفكره، وبشكل تفصيلي، كتاب المفكر والباحث الدانماركي، المتخصص بكيرككورد، يواكيم جارف ( الكتاب ب 738 ص). صدر عام 2013. وقد ترجم إلى العديد من لغات العالم. لكنه مع ذلك لم يعر أهمية إلى دور أمه ومكانتها في حياة كيرككورد.
رغم أن أحد الباحثين الدانماركيين، بريبن ليلهاو في كتابه “كيرككورد وأمه” الصادر عام 2007، والذي لا يُعد متخصصاً بفكر كيرككورد، كان قد تدارك هذا الأمر، وراح ينقب في العشرات من نصوص وأوراق كيرككورد للعثور على حقيقة دور ومكانة أمه في تطوره اللاحق. وقد تمكن هذا الكاتب من الإشارة إلى العديد من المصادر التي تؤكد على هذا الدور. وقد وجه الكاتب النقد إلى الكتاب والباحثين الذين تجاهلوا هذا الدور ومكانة الأم، انطلاقاً مما كتبه سورن كيرككورد في نصوصه وأوراقه الخاصة، فاقتصروا البحث على دور الأب في تربية سورن الابن مسيحياً، إلى جانب ريجينا اولسن، التي ارتبط كيرككورد معها بخطبة وفسخها بعد مرور عام فحسب، بشكل دراماتيكي، وتأثيرهما في حياته وتطوره الفكري اللاحق. 

يشير ليلهاو إلى أن أحد الأسباب التي قادت إلى تجاهل الباحثين عن ذكر أمه أو الانتباه إلى دورها في تربيته المسيحية المبكرة في طفولته، هي أن كيرككورد ذكر أبيه في أكثر من موقع في أعماله وأوراقه الخاصة بشكل مباشر أو غير مباشر ، أما أمه فقد كان على الباحث أن يتوصل إلى ذلك بصبر وتتبع عميق. 

كما يتابع الباحث النقاشات التي سبقت حول هذا الموضوع، والإنكار العام تقريباً لدور الأم في حياة كيرككورد (ص. 120-128)، بحيث تحول هذا الإنكار إلى اتفاق غير واعٍ ومقبول في الوسط الفكري، إلا أنه يعثر، مع ذلك، على بعض النقاشات القديمة التي تشير بصورة نادرة ومبتسرة ومترددة إليها. وحين يراجع مذكرات الأخ الأكبر لسورن كيرككورد، وهو بيتر كيرككورد، يعثر الباحث، من بين أمور أخرى ،على تأكيد دور الأم في تربية الابن المسيحية، (ص.130). 

ويتوصل الباحث ليلهاو إلى أنه “على الرغم من الاتفاق العام في نطاق البحوث الكيرككوردية على ذلك، فليس من الصحيح، عندما يجري التأكيد على أن كيرككورد لا يشير إلى أمه أبداً في كتاباته” (ص.139). ويضرب مثالاً على ذلك، هو أن كيرككورد كتب بعد وفاة والدته عام 1834، بعض الإشارات في أوراقه الخاصة عنها.(ص. 139). ويضيف الباحث مستغرباً، كيف أهمل الدارسون ذكر الأم، بينما كان الأخ الكبير بيتر في خطبة تأبين سورن كيرككورد عند قبره يوم 18.1855، قد أشار إلى أن “سورن كيرككورد حافظ في نصوصه على العديد من كلمات أمه” ( ص. 140). 

وهكذا يتوصل الباحث بريبن ليلهاو بعد مناقشة والبحث في العديد من نصوص وأوراق كيرككورك إلى أن عدم ذكر الأم في مئات الدراسات والكتب، إذا لم نقل الآلاف، لا يعود، كما يذكر الباحثون السابقون لحياة وفكر سورن كيرككورد، إلى إغفال كيرككورد ذكر أمه في نصوصه، بل يعود إلى فشلهم في تجاوز الخطاب العام عنه، ووقوعهم في شباك تكرار حقائق تكاد تتحول إلى حقائق ثابتة بفعل هذا التكرار.
وبهذا يكشف هذا الباحث عن ملمح جديد في حياة فيلسوف الوجودية، الذي يجهله لا قراء العربية فحسب، بل وأيضاً القراء على امتداد العالم.

مجلة قلم رصاص الثقافية

عن قحطان جاسم

قحطان جاسم
شاعر ومترجم عراقي وباحث في علم الاجتماع السياسي، نشرفي الصحف العربية والعراقية والدانماركية ومنذ عام 1977 العديد من القصائد والمقالات والدراسات في شتى المواضيع السياسية والاجتماعية والادبية.

شاهد أيضاً

مصلوبٌ على باب الرقة

(1) في بلدتي يأتيكَ بالأخبار بائعُ الأحلامِ  والمناجلِ وسكَّاراتُ البليخ والحطّابات وتُشنقُ الطفولةُ دون أنْ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *